تم إعداد هته الورقة بجهود مشتركة تشارك فيها متخصصون من منصة حلول، بتنسيق من السيدات نجوى بوراوي، هدى مزهود وأريج فرجاني من جمعية حماية البيئة والتنمية المستديمة ببنزرت، والسيد فرج شمك من المعهد الوطني للبحوث الزراعية بتونس. تم تمويل ورقة السياسات من قبل منظمة جنوب جنوب شمال كجزء من المشروع الدولي أصوات من أجل عدالة مناخية.
إن القوانين والتشريعات الوطنية لا يمكن قراءتها وتحليلها بمعزل عن الظرفية التاريخية التي نشأت فيها، وارتباطها بالبعد العالمي والاتفاقيات الدولية التي أمضت عليها البلاد التونسية في ذلك الوقت، لغاية معرفة نية المشرع من سنّ القانون. يعتبر قانون 10 ماي 1999 المتعلق بالبذور والشتلات والمستنبطات النباتية النموذج الأمثل على سياسة التبعية التشريعية التي تعتمدها البلاد، فهو ملتزم تماما بجميع التنقيحات التي شهدتها الاتفاقيات الدولية خاصة الاتفاقية الدولية لحماية الأصناف النباتية الجديدة لسنة 1991 واتفاقية التجارة العالمية لسنة 1995، بموجب هذه الاتفاقيات تم إلغاء القانون عدد 83 لسنة 1961 المتعلق بإحداث وتنظيم ومراقبة انتاج البذور والشتلات والأشجار وتعويضه بالقانون عدد 113 لسنة 1976، والذي عوض بدوره بالقانون عدد 42 لسنة 1999 المؤرخ في 10 ماي 1999 المتعلق بتنظيم وإنتاج البذور. يتزامن ذلك مع الأحداث العالمية بشأن الغذاء من أجل تكثيف الجهود العالمية لخلق نظام عالمي جديد يقوم على وحدة نمط الإنتاج، حيث شهدت الاتفاقية الدولية لحماية الأصناف النباتية الجديدة لسنة 1961.
تعيش البلاد التونسية أزمة مائية حادة منذ عدة سنوات ساهمت فيها عدة عوامل أهمها اتباع سياسة فلاحية غير مهيكلة و مهيمنة على الموارد المائية مما اعطى شرعية استغلالها بشكل مفرط، كذلك عجز الإطار المؤسساتي وانبناء المنظومة التشريعية على سياسة العرض عمق هذه الازمة وجعل الموارد المائية بلا رؤية واستراتيجية واضحة، لكن رغم حدة هذه الوضعية إلا أن هناك حلول واجبة الاتباع للخروج من هذه الازمة وإن تطلب تنفيذها مدة زمنية، تبقى السبيل الأنجع لتصويب استعمالات الموارد المائية.
إذ يمر سبيل التقدم للمنظومة القضائية في تونس ضرورة بالتشخيص الفعلي والدقيق للإشكاليات ومحاولة إيجاد حلول تتناسب مع تطلعات منظوري العدالة بصفة عامة ومسيري المرفق القضائي بصفة خاصة. وإزاء هذا الواقع تفرض علينا ضرورة البحث بسط عدة محاور لموضوع هذه الدراسة إنطلاقا من الإشكاليات الهيكلية للمنظومة القضائية (المحور الأول) و ضبابية اختصاص المحاكم (المحور الثاني)، إضافة إلى حدود محاولات الإصلاح (المحور الثالث) ووصولا الى الحلول البديلة لإشكاليات المنظومة القضائية (المحور الرابع).