بحث

جار التحميل...
مشاركة

تمت صياغة هذه الورقة بالشراكة مع مؤسسة روزا لوكسمبورج ومرصد السيادة الغذائية والبيئة  

المقدمة 

إن القوانين والتشريعات الوطنية لا يمكن قراءتها وتحليلها بمعزل عن الظرفية التاريخية التي نشأت فيها، وارتباطها بالبعد العالمي والاتفاقيات الدولية التي أمضت عليها البلاد التونسية في ذلك الوقت، لغاية معرفة نية المشرع من سنّ القانون. يعتبر قانون 10 ماي 1999 المتعلق بالبذور والشتلات والمستنبطات النباتية النموذج الأمثل على سياسة التبعية التشريعية التي تعتمدها البلاد، فهو ملتزم تماما بجميع التنقيحات التي شهدتها الاتفاقيات الدولية خاصة الاتفاقية الدولية لحماية الأصناف النباتية الجديدة لسنة 1991 واتفاقية التجارة العالمية لسنة 1995، بموجب هذه الاتفاقيات تم إلغاء القانون عدد 83 لسنة 1961 المتعلق بإحداث وتنظيم ومراقبة انتاج البذور والشتلات والأشجار وتعويضه بالقانون عدد 113 لسنة 1976، والذي عوض بدوره بالقانون عدد 42 لسنة 1999 المؤرخ في 10 ماي 1999 المتعلق بتنظيم وإنتاج البذور. يتزامن ذلك مع الأحداث العالمية بشأن الغذاء من أجل تكثيف الجهود العالمية لخلق نظام عالمي جديد يقوم على وحدة نمط الإنتاج، حيث شهدت الاتفاقية الدولية لحماية الأصناف النباتية الجديدة لسنة 1961 عدة تنقيحات في سنة 1972 و1987 و[1]1991 وهي نفس التواريخ التي تم فيها تنقيح التشريعات الوطنية. كما هوا مبين بالرسم أسفله. 

إن هذه الاتفاقيات انبنت على منطق الغزو الرأسمالي لمقدرات الشعوب في تملك البذور الاصلية عبر بعث نظام مفتوح لتبادل النباتات مدعوم بالسياسات التجارية الحرة والآخذة بالتوسع تحت راية الملكية الفكرية. في وقت لم يكن فيه المشرع التونسي قادرا على [2]رد هذه التوجهات وخيّر الانحياز إلى التزامات الشركات العالمية دون مراعاة حقوق الشعب التونسي في حماية موروثه من البذور.

وأمام هذه المعطيات أصبحت الضرورة ملحة اليوم لإعادة النظر في القوانين الوطنية المتعلقة بالبذور وتصويب الخيارات نحو تغليب المصلحة الوطنية وتحقيق الاكتفاء الذاتي القائم على نظام البذور الأصلية، كما فعلت العديد من الدّول في العالم. 

الشروط والإجراءات القانونية في طمس البذور الأصلية 

يتخذ طمس البذور الأصلية في قانون 10 ماي 1999 [3]عدة أوجه منها إقرار شكلية الترسيم وتوسيع مجال تدخل المستنبط الأجنبي وتضييق الحرية التجارية كالتكثيف والتسويق. 

شكلية الترسيم واقصاء البذور الاصلية 

لقد كرس المشرع التونسي ضمن قانون 10 ماي 1999 مبدأ الشكلية في بعض العمليات القانونية، إذ ينص الفصل 4 من القانون على إحداث سجل رسمي ترسم به الأصناف النباتية، حيث عمد المشرع إلى فرض شكلية الترسيم بالنسبة للبذور والشتلات واعتبرها كشرط صحة للتعامل فيها. ورغبة منه في بعث نظام جديد قائم على المراقبة حيث تعتبر شكلية الترسيم احدى مظاهر الرقابة السابقة لنوعية البذور وبسط النظام العام داخل هذا القطاع، فاختيار الشكل الذي يلتزم به طالب الترسيم يعد مظهرا من مظاهر النظام العام بمعنى أنه لا يمكن للأشخاص الاتفاق على مخالفته. ومن جهة أخرى أراد المشرع لنوع البذور الأصلية الإقصاء من مجال الترسيم، أي عدم الاعتراف بوجودها من الناحية القانونية والمادية. وما يدعم خيار المشرع في هذا التوجه منطوق الفصل 5 من نفس القانون عندما اعطى الخيار للمستنبط في الإبقاء على سرية العناصر الأصلية للنباتات الهجينة والتي تكون في الغالب متكونة من عناصر وموروث جيني من البذور الأصلية[4]. كما اقترنت صحة شكلية الترسيم باشتراط أربعة شروط متلازمة وواجبة التوفر[5]، والإخلال بأحدها يعرض عملية الترسيم إلى البطلان باعتبار أن هذه الشكلية تهم النظام العام[6]. وبالرجوع إلى الفصل 3 من الامر عدد 1282 لسنة 2000 الذي يعرف هذه الشروط، فالبذور التي يقع ترسيمها يجب أن تكون متميزة بمعنى أن عند طلب ترسيمها تتميز بوضوح خاصية أو عدة خاصيات تشكيلية أو فيزيولوجية هامة عن كل نوع أخر تم ترسيمه أو قبول ترسيمه بالسجل الرسمي. 

أما الشرط الثاني الذي ينص على ثبات البذور والشتلات إذ انه يجب أن يبقى مطابقا لتعريف خصائصه الأساسية لإنتاجه أو إكثاره بصفة متكررة في نهاية كل دورة. كما يجب أن تكون البذور والشتلات متجانسة بصفة كافية أي إذا كانت النباتات المكونة له باعتبار نظام انتاجها متشابهة أو متماثلة وراثيا. وأن يتمتع الصنف من البذور بقيمة زراعية واستعمال مرضي من حيث الزراعة والإنتاجية . 

جملة هذه الشروط لا يمكن توفرها في البذور الأصلية لأنها تتأقلم وفقا لموقعها الجغرافي وانما تتوفر فقط في البذور الهجينة والمعدلة جينيا وفق هذه الشروط وهو ما أدى في الواقع إلى سيطرة الشركات المستنبطة والمالكة للبذور الهجينة لأنها لها القدرة والجاهزية على تطوير البذور وجعلها تتمشى مع الشروط المذكورة سلفا. في حين تبقى البذور الأصلية خارج دائرة الاعتراف أو تكون مجرد مواد أولية لعملية استنباط البذور الهجينة كما أراد لها المشرع التونسي أن تكون. 

[7]توسيع مجال تدخل المستنبطين الأجانب 

ينص الفصل 7 من قانون 10 ماي 1999 على تكريس مبدأ حرية انتاج البذور والشتلات أو إكثارها من خلال استعمال لعبارة “يمكن لأي شخص” دون وضع قيود ودون تحديد نوعية الشخص أو جنسيته، فعبارة الشخص وردت مطلقة وتطبيقا لأحكام الفصل [8]533 من مجلة الالتزامات والعقود “إذا جاءت العبارة مطلقة جرت على إطلاقها” لذلك فالشخص يمكن أن يكون طبيعيا أو معنويا تونسيا أو أجنبيا. إن الهدف من إطلاقية هذه العبارة هو توسيع دائرة المتعاملين في قطاع البذور والشتلات خاصة الأجانب منهم واعطائهم نفس الدرجة القانونية دون تفضيل أصحاب الجنسية التونسية أو تقييد حرية المستنبط الأجنبي، فكلاهما أخضعهم المشرع لنفس الإجراءات والشروط سواء فيما يخص ترسيم البذور أو إنتاجها. فحسب مقتضيات الفصل 2 من الأمر عدد 101 لسنة 2000 مؤرخ في 18 جانفي 2000 فإن المؤسسات الراغبة في انتاج البذور والشتلات يتعين عليها الحصول على بطاقة مهنية التي يقع إسنادها من طرف وزير[9] الفلاحة بعد نتيجة بحث فني تتولاه السلط المختصة، ويراعي فيها مدى احترام كراس الشروط. كذلك بالنسبة للتصديق على البذور والشتلات فان المؤسسات التونسية تخضع إلى شرط الترسيم على خلاف المؤسسات الأجنبية التي تعد البذور للتصدير الكلي لا تخضع إلى شكلية الترسيم أي أنها معفاة من الشروط الواردة بالفصل 4 من هذا القانون. 

إذن ما يمكن استنتاجه أن البذور والشتلات الخاضعة للتصدير يمكن التصديق عليها دون إي إجراءات أو شروط، هذا التوجه التشريعي يعتبر نوع من تشجيع الأجانب على الاستثمار وهو ما يتماهى مع ما جاءت به الاتفاقيات الدولية خاصة الاتفاقية الدولية لحماية الأصناف النباتية الجديدة لسنة 1991 واتفاقية التجارة الدولية لسنة 1994. 

أفرز هذا القانون واقعا يقوم على هيمنة الشركات الأجنبية وتحكمها في السياسات الغذائية مقابل وجود عدد قليل من الشركات التونسية تكاد تضمحل أمام المنافسة الشرسة القائمة على مبدأ عدم التكافؤ، يظهر ذلك جليا من خلال ترسانة القوائم المحددة لأصناف البذور والشتلات المعتمدة والتي تحتوي على أسماء الشركات التي تملكها (يقع نشرها بقرار من وزير الفلاحة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية التي يكون أغلبها شركات أجنبية). 

الاتجار في البذور والشتلات من الإباحة إلى التجريم 

لقد أقر المشرع التونسي صلب الفصل 9 من قانون 10 ماي 1999 على أنه لا يمكن الاتجار في البذور والشتلات إلا إذا كانت مرسمة بالسجل الوطني، وأن تكون من ضمن الأصناف النباتية المنصوص عليها بالفصل 3 من نفس القانون[10] (البذور والشتلات الأساسية، البذور والشتلات مثبتة الصلوحية، البذور والشتلات العادية). إن المشرع قام بتضييق نظام الاتجار بإضفاء عدة شروط شكلية وموضوعية وجعل من مبدأ الحرية التجارية استثناء، فالأصل هو إباحة المعاملات التجارية وإخراجها من دائرة التجريم إلا إذا نص القانون على ذلك. لكن المشرع عمل على تغيير الموازنة فيما يخص البذور والشتلات وجعل من اعمالها التجارية تخضع إلى مبدأ التجريم واستثناء حرية التعامل المقيدة بشروط. إن الغاية من الحد في حرية التجارة يعيد تأسيس الفكرة القائمة على إقصاء البذور الاصلية من الأحكام التجارية حيث يتدعم هذا التمشي التشريعي من خلال أحكام الفصل 22 من الأمر عدد 1282 لسنة [11]2000 الذي نص بصريح العبارة على أنه لا يمكن الاتجار في الأصناف والعشائر المتداولة من تاريخ صدور هذا الأمر، والمقصود بالعشائر المتداولة في ذلك الحين هي البذور الأصلية. 

على عكس قانون البذور والشتلات لسنة 1976 الذي أعطى إمكانية الاتجار في البذور الاصلية بعد تسجيلها بقائمة وقتية يقع مسكها من طرف المعهد القومي للبحوث الفلاحية بتونس. حيث جاء في الفصل 7 من ذات القانون أنه “يمكن قبول الأجناس القديمة المعروفة” وهو ما يجعل البذور الأصلية تتمتع بنظام خاص وإجراءات خاصة لا تنطبق فيها إجراءات وشروط التسجيل البذور الهجينة. 

أما بالنسبة للبذور والشتلات الموجود في قائمة الانتظار والمنصوص عليها في أمر 13 جوان لسنة 2000 فإن الاتجار فيها يتطلب شروط أي أن تكون لها قيمة زراعية أو تكنولوجية هامة. ومن ذلك فان المشرع عمل على إقصاء البذور الأصلية في كامل مراحل الإنتاج والإكثار والاتجار وهو ما يتطابق مع خيارات والتوجهات العالمية في تكريس نظام عالمي موحد للبذور والشتلات وضرب كل موروث غذائي للمجتمعات والشعوب. 

الصبغة الحمائية للمستنبط 

تأخذ الصبغة الحمائية لمستنبط البذور والشتلات الهجينة عدة أشكال كرسها المشرع التونسي ضمن قانون 10 ماي 1999 على غرار غياب واجبات المستنبط وإقرار مبدأ الحرية في التصرف. 

هل أراد المشرع التونسي أن يحمي البذور والشتلات أم المستنبط؟؟ 

إن قراءة قانون البذور والشتلات والمستنبطات النباتية يظهر أن مراقبة البذور والشتلات التي جاءت ضمن الباب الرابع تحت عنوان “في مراقبة البذور والشتلات” احتوى على فصلين فقط تحدد نوع المراقبة والجهة المخول لها القيام بذلك، والإجراءات الواجب اتباعها.

كذلك يظهر أن التثبت من مدى احترام مواصفات أنواع البذور والشتلات تم إحالته إلى النصوص التطبيقية التي اهتمت بدورها بتنظيم إجراءات الإنتاج والخزن والنقل والاتجار، وحددت مجال تدخل أعوان المراقبة عبر تمكينهم من أخذ العينات للتحليل والتبليغ عن المخالفات. 

ومنه يمكن القول إن كل هذه الإجراءات الشكلية ليست موجهة لحماية البذور والشتلات  لأنها ليست رقابة من الناحية الموضوعية (أي تركيبة البذور وحالتها الصحية على سبيل المثال)، بل هي موجهة أساسا نحو حماية المستنبط.

لقد أولى المشرع التونسي للمستنبط إمكانية طلب حماية المستنبطات النباتية سواء كان تونسيا أو اجنبيا شرط المعاملة بالمثل بمعنى أنه إذا كانت الدولة التي يوجد فيها مستنبط تونسي الجنسية وأقرت له الحماية فإن رعاياها من المستنبطين في البلاد التونسية يتمتعون بنفس الحماية. 

كذلك من أشكال الحماية إقرار قيام المسؤولية المدنية (التعويض) على كل شخص اعتدى على حقوق (مثال حقوق الملكية الفكرية) صاحب شهادة استنباط نباتي على غرار العقاب الجزائي طبقا للتشريع الجاري به العمل. إن هذه الحماية نجد أساسها في المادة 5 من الاتفاقية الدولية لحماية الأصناف النباتية الجديدة لسنة 1991 والتي بمقتضاها التزمت الدول الممضية على تعديل جميع تشريعاتها وجعلها تتماشى مع النظام الحمائي العالمي للمستنبط مبني على إقرار الحقوق وغياب الواجبات وذلك لخلق نوع من المرونة نحو التوجه إلى نظام غذائي موحد. 

غياب واجبات المستنبط 

إن اكتساب الحقوق يأتي بالضرورة مقابلها تحمل الالتزامات أو الواجبات، وقد تأتي هذه الوجبات في شكل تنصيصات قانونية يقع تعدادها بصفة حصرية ضمن منطوق الفصول أو تأتي في شكل إحالة إلى قوانين أخرى خاص إذا تعلق الامر بالمسؤولية المدنية أو الجزائية بالنسبة للذوات المعنوية الخاصة أو إحالة إلى الفصلين 82 و83 من مجلة الالتزامات والعقود[12] في تحديد نوع المسؤولية التعاقدية أو التقصيرية، خاصة وأن المستنبط له صفة التاجر طبقا لأحكام الفصلين 2 و3 من المجلة التجارية[13] فهو يخضع لقواعد القانون التجاري فيما يخص معاملاته مع المشترين أي أن المستنبط يخضع لنظام مختلط بين المدني والتجاري دون إحالة إلى خضوعه لتلك القوانين، تحديد واجباته إزاء بقية الأطراف والغير. وهو ما يكرس مرة أخرى الصبغة الحمائية.

إن الإطناب والمغالاة في تعدد حماية المستنبط، تبناه المشرع من الأنظمة القائمة عليها الشركات العالمية الاستثمارية داخل الدول النامية. وحيث تمنح هذه الدول النامية الحوافز والتشجيعات للشركات العالمية عبر إلغاء مسؤوليتها عن الأخطاء والجرائم الحقوقية المرتكبة. وكما سبق القول هذه الخيارات هي إملاءات من الاتفاقيات العالمية عمل المشرع على تغذيتها داخل المنظومة التشريعية الوطنية. 

إقرار مبدأ حرية التصرف للمستنبط

على غرار تكريس الحماية عبر غياب الواجبات، نص قانون البذور والشتلات على إقرار مبدأ حرية التصرف للحاصل على شهادة استنباط حيث ينص الفصل 21 من قانون 10 ماي 1999 على أنه ” الحق في انتاج الصنف المستنبط والتصرف فيه”. 

فالتصرف يمكن أن يتخذ المدلول القانوني وهو اتجاه الإرادة نحو إحداث أثر قانوني معين، إما بالتقاء لإرادتين أو أن يكون بالإرادة المنفردة وفي كلا الحالتين ينشئ حقوق شخصية أو عينية مثل البيع والرهن أو الوصية. 

أما المدلول المادي للتصرف فهو مجموعة الاعمال المادية التي تنال من مادة الشيء بهلاكه أو تجزئته فهو تصرف ينصب على محل الشيء، فمن خلال هذا التعريف يمكن للمستنبط إخضاع البذور والشتلات إلى كافة التصرفات القانونية والمادية. إن هذه الحرية تقود بالضرورة للتساؤل حول دور الدولة ومجال تدخلها خاصة وأن المسالة الغذائية تدخل ضمن مقومات الأمن القومي. 

لكن إقصاء المشرع لحقوق الدولة من دائرة التعامل يمثل النموذج التقليدي لتكريس مبدأ حرية السوق والمعاملات التجارية الذي يهدف إلى حماية الشركات العالمية من أجل تحقيق أرباحها وبسط نفوذها وبذلك تصبح الدولة غير قادرة على التدخل وتنظيم سيرها بأي شكل من الأشكال. كما يأتي هذا التوجه التشريعي تحت رعاية اتفاقية الجوانب التجارية لحقوق الملكية التي أخضعت الدول الممضية على قبول الملكية الفكرية للأصناف النباتية للشركات العالمية وإقرار مبدأ التصرف الحر لها. 

غياب حقوق الدولة 

تتعدد أوجه غياب الدولة في قانون 10 ماي 1999 خاصة خضوع استنباط الدولة للتنازل والانتقال من ناحية وإقرارها لنظام عقوبات يعزز حماية المستنبط. 

خضوع استنباط الدولة للتنازل والانتقال

ينص الفصل 26 من قانون البذور والشتلات على ان ملكية المستنبط النباتي الذي يكتشفه العون العمومي أثناء قيامه بوظائفه ترجع إلى الدولة ممثلة في المؤسسة العمومية التي يرجع إليها بالنظر. وتقوم هذه المؤسسة بترسيم الاستنباط بالسجل الرسمي للأصناف النباتية. عملا بالقوانين التي تقر أن ملك الدولة لا يخضع للتقادم أو السقوط بمرور الزمن مثل الأمر العلي المؤرخ فـي 18 جـوان [14]1918 فان مستنبطات الدولة تخضع لنفس الأحكام. لكن هذا المبدأ يخضع لاستثناء فيما يخص ملكية البذور والشتلات حيث نص الفصل 30 من القانون المذكور أنه يمكن نقل الحقوق لفائدة الغير بعد انقضاء أجل ثلاث سنوات من تاريخ تسلم شهادة الاستنباط إذا لم يقم المستنبط بالشروع في استغلال الصنف النباتي أو تسويقه أو التخلي عنه لمدة أكثر من ثلاث سنوات، هذه الأحكام تشمل جميع المستنبطين ومنتجي البذور والشتلات على حد السواء بما في ذلك الدولة لأن المشرع لم يستثني ملكية الدولة من أحكام هذا الفصل واخضاعها لنفس نظام الذوات المعنوية الخاصة. 

على عكس مشرع 1976 الذي كان حريصا على ملكية الدولة للبذور والشتلات بل وعزز دورها عبر إعطاء لمختلف المؤسسات إمكانية إنتاج البذور وإكثارها خاصة التعاضديات حيث نص الفصل 7 من الأمر عدد 260 لسنة 1980 المؤرخ في 26 فيفري 1980 على أنه يمكن للمؤسسات أن تقوم بتكثير البذور والمشاتل لدى الخواص أو التعاضديات.

عقوبات تعزز حماية المستنبط

سن قانون 10 ماي 1999 مجموعة من العقوبات أثناء عملية إنتاج أو اكثار البذور والشتلات، منها ما تم إحالته على القوانين الخاصة على غرار الأوامر ذات الصلة مثل تلك المتعلق بالعلامات المودعة للصنع والتجارة وبزجر الغش في تجارة البضائع والموارد الغذائية أو المنتوجات الفلاحية، منها ما هو منصوص عليه صلب القانون نفسه وذلك عند مخالفة الإجراءات والشروط المنصوص عليها. وتتخذ هذه العقوبات شكل المخالفات والجنح في أغلبها حيث تتراوح الخطية المالية بين ألف دينار وخمسون ألف دينار عند مخالفة الفصول 8 و12 و13. أما بقية العقوبات فهي عبارة على حجز البذور والشتلات أو اتلافها أو الحط من قيمتها، هذه العقوبات الموجهة للمستنبط لا تستجيب لحجم الفعل الإجرامي الذي قد يرتكبه المستنبط عند ممارسته لنشاطه فهو ضرب لمبدأ التناسب بين الفعل والعقوبة. 

أما باقي العقوبات فهي حماية ضد كل شخص أراد الاعتداء على حقوق المستنبط حسب ما ورد في منطوق الفصل 44 الذي ينص على أنه ” كل من اعتدى عن قصد على حقوق طالب أو صاحب شهادة استنباط نباتي فانه يعاقب بخطية مالية أقصاها خمسون ألف دينار. تتمظهر الحماية أساسا في أن جميع العقوبات تمس شخص المستنبط وليست البذور والشتلات. 

كذلك ما ورد بالفصل 42 فيما يخص المحاضر المحررة من قبل أعوان مأموري الضابطة العدلية فإنها تسلم إلى الوزير المكلف بالفلاحة الذي يحيلها إلى انظار النيابة العمومية. عوضا عن التدخل المباشر لها فهي بمقتضى هذا القانون لا يمكن للنيابة العمومية أن تثير الدعوى من تلقاء نفسها وهذا شكل أخر للحماية. 

البدائل

اجبارية تنقيح قانون 10 ماي 1999 وفقا للخصوصية الوطنية 

لقد أعطت الاتفاقية الدولية إمكانية الاعتراف بالبذور الاصلية وحمايتها والاعتراف بحقوق الفلاحين والمزارعين والمجتمعات المحلية في تسجيل وتحديد وحماية بذورها الاصلية والجينات الوراثية[15]. كما أنها لا تضع قيود على هذه الحقوق وتركت المجال للحكومات الوطنية لتحديد ذلك داخل تشريعاتها وإقرار نظام متعدد يحتوي على تنظيم البذور المستنبطة الجديدة (الهجينة) مع المحافظة على تنظيم البذور والشتلات الاصلية. لكن المشرع التونسي عمل على إقرار نظام أحادي يقوم على الاعتراف بالبذور الهجينة فقط وإقصاء البذور الاصلية وعدم الاعتراف حتى بالمكونات الجينية التي تتركب منها البذور الهجينة. وكان من الأجدر الامتثال لهذه الامكانية دون الاجتهاد والمغالاة، في تضمين الموروث الزراعي للبلاد التونسية عبر إقرار نظام موازي وخاص يحمي البذور الأصلية للبلاد طالما أنه لا يتعارض مع المواثيق والمعاهدات الدولية. لذلك حان الوقت لإعادة النظر في المنظومة القانونية لقطاع البذور وإقرار نظام خاص يعترف بالبذور الأصلية.

إقرار نظام خاص بالبذور الأصلية: 

 كما سبق القول إن المعاهدات والمواثيق الدولية التي أمضت عليها البلاد التونسية في مجال البذور والشتلات لا تمنع من إقامة نظام خاص للبذور الأصلية بالتوازي مع النظام العالمي مثل فرنسا صلب قانون التنوّع البيولوجي لسنة 2016، قانون البذور 10.711 لسنة 2003 لتنظيم إنتاج البذور وتسويقها واستخدامها البرازيل والبيرو التي اعتمدت القانون 27811 بشأن تعزيز وحماية معرفة الشعوب الأصلية بالموارد البيولوجية في عام 2002 لحماية البذور الأصلية والمعارف التقليدية المرتبطة به. كذلك حقوق الملكية الفكرية التي سبقت اتفاقية 1991 تعطي الحق تملك نوع البذور الاصلية للمجتمعات المحلية. لكن هذا التملك دون نظام قوي وواضح المعالم يقوم على ضمان حقوق الفلاحين/ات والمزارعين/ات يعزز نظام قانوني مهيكل، يبقى في وضعية هشة ومعرض إلى التهديدات الانقراض كما هو الحال في واقع البلاد التونسية اليوم.

لذلك يستوجب ضرورة تعديل التشريعات الوطنية خاصة قانون 10 ماي 1999 وإقرار نظام خاص بالبذور الاصلية عبر ادراج سجل وطني للبذور الاصلية ترسم فيه الأصناف النباتية التونسية وتحظى بحماية شأنها شأن البذور الهجينة وإعطاء الحق في عملية الإنتاج والاكثار والتجارة. وعند استعمالها كمكون أساسي يجب الحصول على تصريح من صاحب الحق، كما يجب أن تخضع إلى أحكام المادة 14 من الاتفاقية الدولية لحماية الأصناف النباتية الجديدة التي تنص على أنه يمكن للبلدان الأعضاء أن تتيح نطاق الحماية المنصوص عليها للأصناف النباتية التي كانت تتمتع بالحماية بموجب قانون سابق. كذلك يجب اخضاع البذور الاصلية إلى نظام التجارة الداخلية الخاص بالبلاد التونسية لتنظيم عملية الإتجار ولضمان حقوق مكثري البذور الأصيلة.

إقرار نظام التجارة الداخلية للبذور الاصلية

على غرار مستنبط البذور والشتلات الهجينة الذي منحه قانون 10 ماي 1999 الحرية التجارية في الأصناف النباتية المرسمة بالسجل الرسمي للبذور طبقا لأحكام الفصل 11 منه. وهو ما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقية التجارة الدولية لسنة 1995 فان للبذور الاصلية الحق في نمط تجاري يكون ذو خصوصية ومحدد جغرافيا أو إقليميا. هذا التمشي لا يتعارض مع بنود اتفاقية حماية الأصناف النباتية المستنبطة الجديدة التي نسخها المشرع ضمن التشريعات الوطنية دون مراعاة خصوصية البلاد ومقدراتها. فالفلاح والمزارع التونسي له الحق أيضا في ممارسة تجارة بذوره المحلية إذا كانت مرسمة بالسجل الوطني للبذور الأصلية الذي نطالب بإحداثه ضمن هذا البحث مع احترام شروط الحماية والسلامة من الآفات والأمراض

كذلك يمكن الإقرار بالأعمال الغير تجارية أو المصنفة تحت الاعمال الشخصية من خلال اكثار الصنف النباتي من قبل الفلاح او المزارع حصرا للاستهلاك الغذائي أو لغاية المحافظة على البذور الاصلية. 

حماية البذور الاصلية 

تتكرس حماية البذور الاصلية عبر إقرار جملة من الشرو ط والإجراءات والحد من حرية مستنبط البذور الهجينة وارتكاز الاستنباط على مبدأ التكافؤ.

المنافسة القائمة على مبدأ التكافؤ 

إن المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات تفرض على الدولة جملة من الالتزامات التشريعية في صالح مستنبط البذور الهجينة باعتباره يخضع إلى لمبدأ الحماية على المستوى العالمي. لكن في الوقت ذاته هنالك العديد من الامتيازات والحقوق التي تتاح للدول والتي لم يقع الاستفادة منها، فالمشرع يجب أن يأخذ في اعتباره وضعية صاحب البذور الأصلية التي تتسم بالهشاشة والضعف مقارنة بقطاع البذور الهجينة الذي يسخر أحدث التكنولوجيات في الاستنباط. كذلك الأخذ بعين الاعتبار الهدف من انتاج البذور الأصلية. فأصحابها غايتهم الاستهلاك المحلي أو التجارة الداخلية أو الإقليمية، أما مستنبط البذور الهجينة والمتمثل في الشركات الرأسمالية غايتها تحقيق الربح. كل هذه العوامل تؤدي إلى اختلال في موازين المنافسة بين ضعيف لا يتمتع بالحماية في مواجهة طرف قوي محمي. لذلك يجب إقرار المنافسة القائمة على مبدأ التكافؤ يراعي فيه كل طرف انطلاقا من وضعيته القانونية وغايته من الإنتاج عبر حماية صاحب البذور الاصلية وتركيز نمط حمائي على غرار المستنبط البذور الهجينة، ولابد أن يحظى صاحب البذور الاصلية بكل الوسائل الممكنة من أجل تحسين نسق الإنتاج.

 الحد من حرية تصرف مستنبط البذور الهجينة 

إن المكانة التي يحظى بها المستنبط داخل القوانين والتشريعات الوطنية والعالمية تجعله يتصرف بحرية في عملية انتاج وإكثار البذور دون تدخل من الدول وهذا ما أدى إلى التحكم بشكل كلي في السياسات الزراعية. هذا الوضع أصبح يشكل خطرا حقيقيا على حياة الشعوب لذلك يجب تصويب الخيارات وفقا للمتطلبات الغذائية الوطنية عبر تدخل الدولة وفرض النظام العام وتحديد الأصناف النباتية التي تتماشى مع طبيعة المناخ وتراعي المقدرات المائية المخصصة للري كذلك فرض عدد الأجيال التي تنتجها البذور والحد من النوع العقيم الذي ينتج دورة واحدة فقط. وان يعمل على استنباط أنواع تأخذ في اعتبارها التقليص من المواد الكيميائية لان الفلاح اليوم أصبح رهين شركات البذور والأسمدة. 

كما أن الحد من حرية المستنبط يجب أن يأتي على تعديل أحكام التصدير على خلاف ما جاء به قانون 10 ماي 1999 الذي اعطى إمكانية تصدير البذور حتى وان لم تكن مرسمة بالسجل الرسمي، فتلك البذور عادة ما تكون من الصنف الأصلي الغير هجين أو تكون بمثابة المواد الأساسية لتركيبة البذور الهجينة وهي على ملك شعوب ومجتمعات محلية يجب أن تراعى تلك الملكية. 

تحديد الشروط والإجراءات للتعامل مع البذور الاصلية 

إن الشروط والإجراءات التي تخضع لها عملية ترسيم البذور والشتلات الهجينة سواء كانت شكلية أو موضوعية لا تنطبق على البذور الاصلية، اذ يجب أن تخضع هذه الأخيرة إلى جملة من الشروط والإجراءات ذات طابع خاص لغاية إقرار نوع من الرقابة الإدارية السابقة من جهة وحماية أصحاب الحق من جهة أخرى كما يجب أن تؤدي هذه الإجراءات إلى جمع المعلومات والبيانات الضرورية لكل الأصناف النباتية. 

أما بالنسبة للشروط فان البذور الاصلية بحكم طبيعتها لا تتوفر فيها الشروط الواردة بالفصل 4 من قانون 10 ماي 1999 خاصة شرطي التميز والتجانس باعتبارها لم تخضع للتحولات الوراثية أو تعديلها فالشروط يجب أن تراعي خصوصية وطبيعة البذور الاصلية من حيث تأقلمها مع المناخ وصحتها من الامراض ونقاوة الجينات الوراثية. كما يمكن أن تتميز البذور الاصلية ببعض الخصائص كنموها في منطقة جغرافية دون الأخرى أو في مناخ معين لذلك يجب تضمين الموقع الجغرافي الذي تنمو فيه وفقا لتجارب علمية تؤمنها مؤسسات الدولة. على غرار البنك الوطني للجينات، المعهد الوطني للبحوث الزراعية…

الدولة كجزء من نظام البذور الاصلية 

إن البذور الأصلية هي جزء من الموروث الثقافي التونسي والمخزون الاستراتيجي للمنظومة الغذائية، لذلك وجب تدخل الدولة عبر مختلف مؤسساتها من أجل تنظيم عملية الإنتاج والإكثار وفقا لخارطة وطنية للبذور الاصلية تأخذ بعين الاعتبار الموقع الجغرافي وأصحاب البذور الاصلية. 

إحداث المؤسسات والهياكل الفنية 

لقد نصت فصول قانون 10 ماي 1999 على مجموعة من الهياكل المتداخلة في الإنتاج واكثار البذور والشتلات على غرار وزارة الفلاحة التي تمثل المشرف الأول على هذه المهمة واللجنة الفنية للبذور والشتلات والمستنبطات النباتية التي لها دور استشاري، فان البذور الاصلية تستوجب هي الأخرى احداث جهاز يقوم بالتنسيق مع هياكل وزارة الفلاحة من أجل حماية سلامة البذور الاصلية وتحقيق غايتها الاستهلاكية على الوجه الأفضل، لذلك يجب أن تكون اللجنة الفنية متكونة من خبراء وتقنيين وفلاحين تقوم بعملية مراقبة البذور الاصلية مع وجود هيكل اداري يقوم بمسك السجلات والوثائق واستشارة بقية الإدارات العمومية كل في حدود اختصاصه يسهر على تنظيم التجارة الداخلية وتحديد الأسعار وتنظيم مسالك التوزيع.

كما يقوم هيكل استشاري تحت رقابة وزارة الفلاحة بتحديد السياسات الغذائية وفق لتصور مبني على البذور الاصلية أخذا بعين الاعتبار مبادئ السيادة الغذائية واستدامة نمط الإنتاج.

الخارطة الوطنية للبذور الأصلية

تتميز البذور الاصلية بقدرتها على التأقلم داخل المناخ الذي يتم اكثارها أو انتاجها فيه لعدة سنوات. فهي الأكثر قدرة على مواجهة التطرفات المناخية حسب المناطق الجغرافية التي وجدت فيها. لذلك فان البذور الاصلية يجب أن تحافظ على المناخ التي تكون فيه قادرة على إعطاء محصول متميز من حيث النوعية والكمية.

كما أن بعض المناطق تتميز بنوع من الخصوصية سواء على مستوى نوعية التربة أو البيئة لمناخية الحيوية أو كميات المياه ونوعيتها والتي بدورها تستوجب نوع خاص من البذور أكثر قابلية للتكيّف مع هاته الظروف ويتم ذلك عبر خارطة وطنية تحقق توازن الأصناف النباتية من جهة وتكرس فعليا مبدأ خصوصية الجهات من جهة أخرى ويكون انجاز هذه الخارطة تحت اشراف الوزير المكلف بالفلاحة باستشارة جميع الهياكل خاص البحثية منها. 

 التوصيات 

إن هذا القانون هو الإطار الذي ينظم كل ما يتعلق بالبذور والشتلات والمستنبطات النباتية ويتداخل بصفة مباشرة بمعية بعض القوانين الأخرى في تحديد السياسات الغذائية للبلاد، والتي يجب أن تكون مراعية لمبدأ السيادة الوطنية على المقدرات الغذائية لذلك وجب ضرورة المرور ببعض التوصيات الموجهة أساسا إلى وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري وكذلك إلى أعضاء مجلس نواب الشعب كدعوة إلى تبني تنقيح هذا القانون: 

أعضاء مجلس نواب الشعب: 

على أعضاء مجلس نواب الشعب تبني المبادرة التشريعية والعمل على تنقيح قانون 10 ماي 1999 المتعلق بالبذور والشتلات والمستنبطات الفلاحية خاص الفصول التي تعمل على إقصاء البذور الاصلية من دائرة التعامل وتؤخذ بعين الاعتبار هذه المبادئ التالية: 

  • بسط النظام العام على قطاع البذور والشتلات.
  • تكريس واجبات المستنبط والحد من حرية تصرفه.
  • إقرار مبدأ الخصوصية الوطنية في قطاع البذور والشتلات.
  • إقرار نظام قانوني خاص بالبذور الاصلية.
  • تنظيم التجارة الداخلية للبذور الأصلية وفقا لمبدأ التكافؤ.
  • تحديد الشروط والإجراءات الكفيلة بالتعامل مع البذور الاصلية.
  • التنصيص على إحداث جهاز مؤسساتي خاص بالبذور الاصلية.
  • التنصيص احداث خارطة وطنية لإنتاج البذور الاصلية وفقا لمبدأ خصوصية الجهات.
  • إعادة النظر في العقوبات الموجهة للمستنبط.

[1]مايكل فخري، المقرر الخاص المعني بالحق في الغذاء، البذور والحق في الحياة وحقوق المزارعين، أفريل 2022.[2]مايكل فخري، المقرر الخاص المعني بالحق في الغذاء، البذور والحق في الحياة وحقوق المزارعين، أفريل 2022. [3]قانون عدد 42 لسنة 1999 مؤرخ في 10 ماي يتعلق بالبذور والشتلات والمستنبطات النباتية. [4]لى عكس ما جاء به الفصل 4 من القانون عدد 113 لسنة 1976 المؤرخ في 25 نوفمبر 1976 المتعلق بتنظيم مراقبة وإنتاج البذور والمشاتل والاتجار فيها. الذي ينص على أن السجل يتضمن أجناس النباتات الفلاحية التي لها قيمة في الاستعمال بالنسبة للبلاد التونسية، فمن خلال القراءة العكسية للفصل أنه يوجد بذور تونسية قيد الاستعمال وتسجيل الأجناس النباتية الأخرى مشروطة بارتفاع قيمتها في استعمالها. يجب هذا التبرير أساسه ضمن أحكام الفصلين 1 و8 من الامر عدد 260 لسنة 1980 المتعلق بضبط شروط وكيفية تنظيم انتاج البذور والمشاتل الفلاحية، عندما استعمل المشرع عبارة ” وباعتبار الظروف الخاصة للبلاد” إحالة إلى وجود بذور أصلية تونسية يجب اخذها بعين الاعتبار واعطائها نظام خاص. كذلك احكام الفصل 2 عندما استعمل المشرع ” انتاجها على مواد اصلية[5]شروط متلازمة بمعنى أن المشرع استعمل حرف العطف “واو” دلالة على وجوبية توفر كل الشروط ولم يستعمل عبارة “أو” التي تدل على توفر احدى الشروط فقط.[6]تعتبر الشكلية في القانون التونسي من مقومات النظام العام وغيابيها يرتب جزاء البطلان المطلق. [7]تم استعمال مصطلح الأجنبي وفقا ما افرزه الواقع التطبيقي فبالرجوع إلى قائمات الشركات المستنبطة المنشورة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية نجد أن حوالي 80% منها أجنبية. [8]مجلة الالتزامات والعقود[9]الفصل 2 من الامر عدد 101 لسنة 2000 مؤرخ في 18 جانفي 2000.[10]الفصل 3 من القانون عدد 42 لسنة 1999 المؤرخ في 10 ماي 1999. [11]https://www.wipo.int/wipolex/fr/text/577430[12] الفصلين 82 و83 من مجلة الالتزامات والعقود. [13]الفصلين 2 و3 من المجلة التجارية. [14]الأمر العلي المؤرخ في 18 جوان 1918. [15] الاتحاد الدولي لحماية المصنفات النباتية الجديدة، دليل إعداد القوانين بالاستناد إلى وثيقة 1991 الاتفاقية الأوبوف، 16 أفريل 2017. 

المراجع الببليوغرافية
المساهم

رامي بنعلي

رامي بنعلي مختص في القانون الخاص وباحث في السياسات المائية و الفلاحية.

العودة إلي أعلى