ملخص تنفيذي
يمثّل تجريم العلاقات الجنسية الرضائية بين الرجال البالغين خرقا للأحكام الدستورية، ذلك إلى جانب عدم التطابق مع فحوى المعاهدات الدولية المصادق عليها. وعليه لا يمكن تواصل المقاربة التجريمية العقابية الصارمة الممنهجة والمبنية على الوصم و الإقصاء المجتمعي لانتهاكها الحرمة الجسدية و كرامة الذات البشرية و الحق في الخصوصية.
تقترح هذه الورقة جملة من التوصيات المتمثلة في إلغاء المقاربة التجريمية و استبدالها بمقاربة حمائية تعزز حقوق هاته الفئة إلى جانب حذف إجراء الفحص الشرجي كوسيلة إثبات و ذلك بإلغاء أحكام الفصل 230 من المجلة الجزائية و تعديل الفصول التي من شأنها الاخلال بحقوق الإنسان في المجلة الجزائية ومجلة الإجراءات الجزائية. إلى جانب إرساء إصلاحات في السلك الأمني و القضائي عبر دورات تكوينية في الميول الجنسي و الهوية الجندرية و ذلك لتعزيز حقوق الإنسان و نبذ خطاب العنف و الكراهية و الوصم و التمييز و نشر ثقافة الإختلاف.
مقدمة
بعد الثورة، وفي ظل الانتقال الديمقراطي، سعت الدولة التونسية لضمان الحقوق والحريات المنتهكة سالفا. و هنا يمكن التطرق لمسألة العلاقات الجنسية بين الرجال بما أنها تعد من المسائل التي لم تحظى بالحماية التشريعية المفترضة.
إنتهاك قائم على أسس قـــانونية
تعّزز أحكام الفصل [1]230 من المجلة الجزائية ،الإعتداء على الحياة الخاصة ممّا يمثل خرقا لأحكام دستور 2022 في بابه الثاني[2] ” الحقوق و الحريات “. ذلك إلى جانب عدم التطابق مع فحوى المعاهدات الدولية المصادق عليها من قبل الدولة التونسية[3]. فالسياسة التجريمية المعتمدة لا تتناسب الفصل 26 من دستور 2022 الذي يقتضي أن ” حرية الفرد مضمونة”، فهي ترمي إلى تجريم و عقاب فعل جنسي توافقي بين شخصين بالغين في مكان خاص مما يعد من حقوق الإنسان بشكل عام ومكون من مكونات الحياة الخاصة بشكل خاص.
أصول الفصل 230 و غياب الإرادة السياسية اليوم
تعزى هنا السياسة المعتمدة لإقحام المستعمر الفرنسي, عبر اللجنة المشكّلة من قبل الباي سنة 1909 , لصياغة المجلة الجنائية التونسية الصادرة سنة [4]1913 بحيث قدّم هذا الأخير أحكام هاته المجلة على أنها في تواصل مع التشريع الإسلامي كمصدر هام للمجلة[5] إلا أنها تعكس من خلال بعض فصولها على غرار الفصل 230 النظرة الكاثوليكية المحافظة في مجال الحريات الشخصية لمحرري النص من اللجنة و هو منشأ السياسة الحالية التي تمثل نتاج تبني فصل ظهر كملاحظة مكتوبة بخط اليد على هامش قســم ” فــي الإعتـداء بالفواحش” في المسودة المبكرة للمجلة الجنائية تحت الحماية الفرنسية. كما أنه تم ترجمة كلمة ” Sodomie ” و التي تعني حرفيا ” الإيلاج الشرجي ” بـ ” اللواط ” ( و التي تعني الممارسة الجنسية المثلية الذكرية )[6] . ما أحدث تناقضا كبيرا بين النسختين مما يبرر عدم فاعلية و نجاعة تعامل القضاء مع هاته القضايا.
كذلك مواصلة تطبيق هاته المقاربة هي نتاج لعدم وجود محكمة دستورية لمعاينة مدى عدم مطابقة للدستور و إلغائه. كما أن مواصلة اعتماد نفس السياسية يعود لغياب إرادة سياسية لإلغاء الفصل 230 و ذلك لأسباب سياسوية إنتخابية.
يفسّر إرساء هاته المقاربة من الناحية الإجتماعية و ذلك من خلال تطبيق الإيديولوجيا الدينية الغالبة و هو ما يتبلور من خلال رفض الحكومة سنة 2011 إلغاء التجريم حجّة أنه” مفهوم غربي يتعارض مع الإسلام والثقافة الدينية المجتمعية السائدة والتقاليد التونسية”[7] بحيث يمثل ظاهرة دخيلة على المجتمع التونسي.
الانتهاك البوليسي و القضائي المنجر عن الفصل 230
تتجلى عدم نجاعة السياسة المعتمدة من خلال انتهاكات حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية فحسب تحري هيومن رايتس ووتش[8] مع 5 رجال حوكموا من أجل ممارسة علاقات جنسية مع رجال آخرين , أُثْبِتَ أن الشرطة مارست ضدهم انتهاكات جسيمة، و هو ما يتجلى من خلال الضرب والاجبار على إجراء فحوص شرجية والمعاملة المهينة[9] بحيث تعتبر هذا الإجراء وسيلة من وسائل الإثبات التي تعتمدها الضابطة العدلية بأمر من القاضي لتطبيق العقوبة المقررة و الذي يعتبر مظهرا من مظاهر التعذيب[10] حسب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. فهو إعتداء على حرمة الجسد و الحياة الخاصة وحرية الضمير و إنتهاك لحـق الفـرد فـي الخصوصيـة ( كما يكفله الفصل 30 من دستور 2022 )). كذلك الاعتداء على الحياة الشخصية للمتهمين من قبل الضابطة العدلية التي تقوم باستجواب المتهم على من مارس معه الجنس وعلى محيطه بشكل عام. كما يتم إستعمال الرسـائل الشـخصية للمتهـم أو صوره أو ممتلكاته فـي سياق الإثبات[12] و هو ما يعد تعدي على المعطيات الشخصية إذ أن عمومية الفصل و تناقض مفاهيمه وغياب الدقة فيما يتعلق بأركان الجريمة يسمح لإمكانية إعتماد معايير غير موضوعية كاللباس و الصوت في إنتقاء و توجيه التهمة. و يعد كذلك تعدّي على الحياة الخاصة بناءا على تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2018 حول حقوق الإنسان في تونس و بالتالي فالقاضي يكون أمام تطبيق لنص يقضي بتجريم فعل يعد “حرية و ميولا شخصيا” حسب الجمعية الأمريكية للطب النفسي ([13]APA والدستور والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان . يتبلور المشكل كذلك بصفة غير مباشرة , عبر الإنتهاكات الواقعة على الجمعيات التونسية التي تدافع على هاته الحرية ضد السياسة القمعية المعتمدة و حتى منعها من النشاط أحيانا على غرار ما وقع لجمعية ” شمس” سنة [14]2017 .
تشتت الموقف السياسي
بعد الثورة, في ظل انتقال ديمقراطي و المطالبة بالحرية والكرامة البشرية, باتت مسألة الحريات الفردية بصفة عامة و تجريم العلاقات الجنسية بين الرجال بصفة خاصة من القضايا المطروحة على السلطة التشريعية و التنفيذية . يضل هذا الموضوع محورا وفي هذا الإطار , يمكن ذكر فكرة مجلة “غايداي” الإلكترونية سنة [15]2011 التي صارت محل جدل واسع ارتقى إلى المجال السياسي وفجّر كل التناقضات والتجاذبات السياسية و الذي تمظهر في موقف وزير حقوق الإنسان ” سمير ديلو “خلال برنامج على قناة حنبعل[16] معبرا عن معارضته الشديدة للمثلية الجنسية معتبرا أن “حرية التعبير لها حدود” ورغم اعترافه بوجود هذه الظاهرة في تونس، فقد تحدث عن “ضرورة مراعاة خطوط حمراء يحددها تراثنا وديننا وحضارتنا” مما ولّد تذبذبا كبيرا في موقف حزب النهضة الفائز بأغلبية المقاعد في [17]المجلس التأسيسي آنذاك .
في حين صرّح وزير العدل لسنة 2015 ” صالح بن عيسى ” ضرورة إلغاء الفصل لأهمية احترام الحريات الفردية والحياة الخاصة مبينا دور الإرادة السياسية و المشرع التونسي في ذلك خاصة مع إصدار دستور 2014 الذي يحول إلى نسخ وإلغاء عدة قوانين[18] . في نفس التمشي صرّح , المحامي الأستاذ مختار الطريفي الذي ترأّس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بخطورة الفصل 230 من المجلة الجزائية مشيرا بأن” الحريات الفردية مستهدفة من طرف أعوان من الأمن الذي يعتقدون أن دورهم يكمن في إصلاح المجتمع بالمعنى الأخلاقي ” إضافة إلى الفحص الشرجي كوسيلة للإثبات و أشار للإرادة المتجهة للطعن في شرعية الفصل الرّدعي الذي يكّرس لسياسة تجريمية عقابية متشددة ما يتنافى مع العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية[19] . في حين صرّحت النائبة ” سامية عبّو ” أن مسألة العلاقات الجنسية بين الرجال من ” المسائل التي تمثل خراب للمجتمع و أنها دينيا غير مقبولة “[20] . كما صرّحت النائبة ” عبير موسي ” بعدم موافقتها بإلغاء التجريم خوفا عن العائلة التونسية و المجتمع [21]. و أخيرا , صرّح الرئيس الحالي ” قيس سعّيد ” على الحق في الحرية و الخصوصية في المكان الخاص و عدم ممارستها في الاماكن العامة بما أن ” المكان العام ملك للعموم [22]” .
آثاره على المستوى الإجتماعي و الإقتصادي و النفسي
في تنفيذ السياسة المعتمدة تداعيات سلبية على مستوى الأفراد و الدولة , فهي تؤدي أولا إلى إنتهاكٍ لحقوق الإنسان و الكرامة البشرية و تطبيق عقوبة تمييزية صارمة إلى جانب عدم ضمان المراقبة الكافية والآليات اللازمة للحماية , رغم تنصيصات قانون عدد°16-5 لسنة 2016 , لحماية المتهمين وضمان كرامتهم من قبل الضابطة العدلية، خلافا ما تم تسجيله من عنف لفظي ومادي خاصة في مرحلة التحقيق[23] . تجدر الإشارة كذلك إلى أن العقوبة المنصوص عليها هي عقوبة سالبة للحرية من شأنها التشهير بالمتهم لميولات تعد شخصية سواءا داخل أو خارج السجن وهو ما يؤثر سلبا على الصحة النفسية للمتهمين أو المسجونين بعد إتهامهم أو خوفا من العقوبة ما يؤدي أيضا لمحاولات إنتحار هروبا من العقاب أو الفضيحة و التشهير و الرفض من قبل المجتمع و الدولة. ف228 شخص بنسبة 69.94% تعّرضوا للتمييز على أساس التوجه الجنسي[24] إذ تتعدد أنواع الإقصاء , من إقصاء مجتمعي بإمكانية فقدان السند العائلي عبر الطرد أو العنف[25] بأنواعه وإقصاء إقتصادي عبر خسارة فرص العمل و رفض المشغلين لتوظيفهم و بالتالي زيادة نسبة البطالة و العنف و السرقة و إقصاء سياسي عبر رفض المشاركة في الحياة السياسية و انحدار الحس بالمواطنة . فضلا على ذلك, توّلد السياسة العقابية الشعور بالخوف والتردد للجوء إلى القضاء في حالة حدوث نزاع أو تمييز أو عنف مادي أو معنوي ذلك لإمكانية تحويل القضية[26] و بالتالي انحدار ثقة الأفراد في اللجوء إلى القضاء و ازدياد نسبة الجريمة. كذلك التمعّن في الوضع الإقتصادي، يوضح أن زيادة نسبة المساجين من شأنه إثقال كاهل الدولة من خلال التكلفة السجنية (من طعام و شراب و مراقبة طبية..).
ثانيا , تسبب المقاربة العقابية المتشددة إلى عدم مصداقية الدولة التونسية في نظر الدول المصادقة معها على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان و هو ما يولد تراجع ثقة المجتمع الدولي تجاهها و انحدار سمعتها و بالتالي امكانية تصنيفها كدولة غير الضامنة لأبسط حقوق الإنسان..
لا يمكن تواصل تنفيذ السياسة الحالية , فالتدخل الحيني يعود لضرورة ضمان حماية فعلية للحق في الحياة الشخصية نظرا لكمية الانتهاكات التي تم طرحها. كما أن غياب الإرادة السياسية في إرساء المحكمة الدستورية يعزّز استمرارية خرق الشرعية وعلوية القانون. زيادة على ذلك ، فإن موقف الدولة التونسية مهتز في نظر المجتمع الدولي خاصة بعد تنديدات منظمة العفو الدولية و توصيات الامم المتحدة منذ 2011 جراء عدم تطبيق القانون الدولي و خاصة المعاهدات و المواثيق التي صادقت عليها الدولة التونسية. هذا الموقف من شأنه أن يؤدي إلى تواصل ارتفاع نسبة الهجرة وطلب اللجوء إلى الدول التي لا تجرم الفعل الجنسي.
منذ تاريخ إصدار المجلة الجزائية , لم تعمل السلط الثلاث على تغيير السياسة المعتمدة. فعلى الرغم من إرساء بادرة من قبل لجنة الحريات الفردية و المساواة المكلفة من قبل الرئيس السابق ” محمد الباجي القائد السبسي ” بالتوصية بالتخفيف من المقاربة العقابية أو إلغاء الفصل المجرّم و هو ما يعد من الحلول التي من شأنها أن تتناسب مع فحوى الدستور و المعاهدات الدولية , لم يتم إتباع هاته التوصيات لغياب الإرادة السياسية آنذاك .
التجارب المقارنة
بالنظر للقانون المقارن , فعلى الرغم من أن النشاط الجنسي المثلي كان جريمة عقابها في الغالب الإعدام خلال فترة ما قبل الثورة الفرنسية خاصة بتأثير الكنيسة على ذلك، إلا أن سنة [27]1791 , إبَّان الثورة الفرنسية , أُلغِيت جميع قوانين السدومية و تم القطع التام مع الكنيسة لتفعّل الدولة الفرنسية التفرقة بين الدين و الدولة سنة 1905 و الذي ساهم في معاملة المواطنين على قدم المساواة وتكريس أوجه الديمقراطية و إرساء سمعة منفتحة على المجتمع الدولي, إضافة إلى ضمان حقوق هاته الفئة من خلال إرساء قوانين مكافحة التمييز في التوظيف ( ماعدا بين 1942-1982 ) , قوانين مكافحة التمييز في جميع المجالات الأخرى (تتضمن التمييز غير المباشر، خطاب الكراهية ) منذ 2004, إلى جانب السماح للرجال الذين مارسوا الجنس الشرجي بالتبرع بالدم سنة 2016 بعد فترة تأجيلية بعد سنة واحدة من عدم ممارسة الجنس و التي ألغيت حديثا[28]. إلى جانب ذلك, تم ضمان الخدمة العسكرية للرجال الذين يمارسون [29] الجنس مع الرجال و ذلك بالسماح لهم بالخدمة علنا في القوات المسلحة الفرنسية.
و بالنظر لما سجلته السياسة من نجاعة على مستوى إحترام حقوق الإنسان و خصوصية الميول الجنسي و الجندري و حمايته القانونية إلى جانب القطع مع كل إيديولوجية من شأنها أن تمثل حدا و منعا للحياة الشخصية , و بالنظر للعوامل التاريخية و الجغرافية , من الممكن للمشرع التونسي السير على درب هاته الأخيرة إذا توفرت الإرادة السياسية خاصة أن الدولة التونسية قد إتخذت منحى الدولة الفرنسية في عدة قوانين حين إصدارها أو تنقيحها فتبني السياسة المعتمدة لنظيرتها من شأنه أن يوّلد تداعيات إيجابية وطنيا و دوليا.
أمّا في الغابون , لم تكن الممارسة الجنسية بين الرجال مطروحة في المجلة الجزائية لكن بمجرد ظهور المجلة الجنائية الجديدة سنة 2019 و دخولها حيز النفاذ, تم تجريم هذا الفعل بطريقة غير مباشرة من خلال مفهوم الأخلاق الحميدة ب6 أشهر مع عقوبة مالية. إلا أنه بعد أقل من سنة , صوت البرلمان الغابوني على عدم تجريم الفعل الجنسي[30] المثلي مما جعل الغابون دولة ضامنة للحريات الفردية حسب تصريح “نائلة غوشال” الباحثة في هيومن رايتس ووتش[31] و هو ما يمكن الأخذ به في سياسة الدولة التونسية في هذا الموضوع خاصة أن دولة الغابون تعد من بين دول التي تشهد وضعا سياسيا غير مستقر مثل تونس.
كذلك في كوبا , كان النشاط الجنسي بين الذكرين فعلا مجرما و منبوذا من قبل الدولة و المجتمع و كان قبول إلغاء التجريم تدريجيا , فبداية من سنة 1980 و تصاعد نسق التحرر سنة 1990 أصبحت العلاقات الجنسية الخاصة وغير التجارية بين البالغين الموافقين المثليين والذين يبلغون من العمر 16 عامًا أو أكثر قانونية منذ سنة [32]1979 . هذا التحرر و القبول التدريجي للعلاقات الجنسية بين الرجال يجسد تمعن الدولة في البحث القانوني و العلمي و الاجتماعي و السوسيولوجي لهاته الأقلية و هو ما يعكس بالتالي دمجهم و عدم إقصائهم و الوعي بمدى إحترام حقوق الإنسان الكلية التي لا تتجزأ و هو ما يمكن لصانع القرار في تونس المضي عليه من خلال إصلاح السياسية العقابية المتشددة بأخرى مرنة تدريجيا نظرا لخصوصية المجتمع التونسي .
المقترحات البديلة
يجب إلغاء المقاربة التجريمية و إستبدالها بمقاربة حمائية تعزز حقوق هاته الفئة مما يضمن عدم تطبيق عقوبة سالبة للحرية لفعل توافقي بين شخصين بالغين في مكان خاص وحمايتهم من المحرضين على خطاب الكراهية و العنف الجسدي مع الأخذ بالاعتبار للمطاولة السياسية لمراجعة أحكام المجلة الجزائية خاصة في حالة تعليق عمل البرلمان و إمكانية الاتهام على أساس الفصول 226 و 226 مكرر .
إلغاء الفصل 230 ومراجعة الفصول المسيئة بالحرمة الجسدية و المعنوية
يجب التنفيذ الفعلي لحذف إجراء الفحص الشرجي كوسيلة إثبات للعلاقات الجنسية بين الرجال الذي لضمان عدم انتهاك الحرمة الجسدية المحمية دستوريا و قد كان هذا مطلب المجلس الوطني لعمادة الأطباء في تونس أصدر بيانا سنة 2017 نادى فيه الأطباء بالكف عن الفحص الشرجي القسري والكشف على الأعضاء التناسلية[33] و بالتالي كل هاته البدائل لا تتطلب تكاليف مالية للدولة التونسية , بل فقط تتطلب مقاربات توعوية , تثقيفية و منهجية .
و يمكن تحقيق ذلك عبر إلغاء أو تعديل الفصول التي تنطوي على إيذاء في المجلة الجزائية أو مجلة الإجراءات الجزائية خاصة الفصل 230 من المجلة الجزائية لضمان التطابق مع أحكام الدستور و لتماشي إلتزامات تونس الدولية مع المعاهدات المصادق عليها في مجال حقوق الإنسان ، وكذلك توصيات هيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
كما تجدر الإشارة إلى أهمية تعديل تعريف التعذيب في الفصل 101 مكرر من المجلة الجزائية لجعله متماشيا مع التعريف الوارد في اتفاقية مناهضة التعذيب للتقليص من المعاملات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، و إلغاء أي نص في التشريعات الوطنية يشير إلى سقوط جريمة التعذيب بالتقادم.
تكوين الجهاز الأمني والقضائي على إحترام حقوق الإنسان ومحاسبة المخالفين
يمكن لوزير العدل بصفته رئيسا للنيابة العمومية , اتخاذ قرار بعدم تطبيق الفصل 230 من قبل وكلاء الجمهورية في إطار السياسة العامة الجنائية للدولة و بالتالي عدم إثارة دعاوى عمومية أمام المحاكم. و هو حل عملي يمكن تطبيقه على المدى القريب الى حين انتخاب و استئناف نشاط البرلمان. بذلك التخفيف من حجم القضايا أمام المحاكم خاصة أمام الآجال المطوّلةأولا و اكتضاض السجون ثانيا.
من من المهم كذلك تعزيز الفرصة للجهاز القضائي للبحث في مفهوم هاته العلاقات و بالتالي تحقيق ضمان مطلق للحريات الفردية عبر التكوي المستمر و خلال التكوين بالمعهد الأعلى للقضاء. وعلى مستوى الجهاز الأمني تطبيق إجراء إصلاحي بإدماج تكوين جديد و حملات مستمرة لماهية حقوق الإنسان بصفة عامة و للهوية الجندرية بصفة خاصة والتصدي لسياسة الإفلات من العقاب.
التسريع في إرساء محكمة دستورية
من المهم كذلك, التسريع في إرساء محكمة دستورية لمعالجة عدم دستورية القوانين التي تجرم الفعل الجنسي بين الرجال بصفة خاصة والتي تنتهك الحقوق و الحريات عموما.
التوصيات
على السلطة التنفيذية:
- في مرحلة أولى, على وزير العدل اتخاذ قرار بعدم تطبيق الفصل 230 من قبل وكلاء الجمهورية في إطار السياسة العامة الجنائية للدولة.
- إصدار مرسوم رئاسي حول إلغاء المقاربة العقابية يقع عرضه فيما بعد على مصادقة مجلس النوّاب أو الإشارة لتكريس نسبة هامة في الميزانية للمؤسسات التي تسهر على ضمان حقوق الإنسان.
على السلطة التشريعية:
- إقرار قانون جديد أو مراجعة القوانين السابقة و تعديل أحكامها لضمان تطابقها مع أحكام الدستور و المعاهدات الدولية المصادق عليها المتعلقة بحقوق الإنسان.
- تقديم مشاريع قوانين حول تجريم خطاب الكراهية والعنف والتمييز القائمين على الهوية الجندرية و الميول الجنسي, فضلا عن مراقبة سير الحكومة وقراراتها و مساءلتها في جلسة عامة للتحقق من مدى عملها على مراجعة التشريعات الوطنية و ملاءمتها مع أحكام الاتفاقيات الدولية.
على المنظمات الدولية والمجتمع المدني:
- مراقبة مدى حسن تطبيق الدولة للمعاهدات والاتفاقيات الدولية الملزمة بتطبيقها.
[1] الفصل 230 من المجلة الجزائية: “اللواط أو المساحقة إذا لم يكن داخلا في أي صورة من الصور المقرّرة بالفصول المتقدّمة يعاقب مرتكبه بالسجن مدة ثلاثة أعوام.” [2] الفصل 27 الذي يكرس حرية الضمير, الفصل 23 الذي ينص على ضمان الدولة لمبدأ المساواة بين المواطنين و المواطنات و ضمانها للحقوق و الحريات الفردية والعامة إلى جانب تهيئة أسباب العيش الكريم , الفصل 30 الذي ينص أن “تحمي الدولة الحياة الخاصة، وحرمة المسكن، وسرية المراسلات والاتصالات والمعطيات الشخصية…”, و أخيرا الفصل 25 الذي يقتضي أن “تحمي الدولة كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد، وتمنع التعذيب المعنوي والمادي…». [3] ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ( المادة 5 , 12 , 18 , 20 , 26 , 30 ) , العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( المادة 9 مثلا) , معاهدة جينيف الثالثة و الرابعة و اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب ( المادة 2 , 19 .. ) .[4] (خ) رامي , دانيال ليفين – سباوند , الفصل 230 تاريخ المثلية الجنسية في تونس , إصدار مارس 2019, صفحة 21. https://article230.com/wp-content/uploads/2019/07/livre-Article-230-Ar-Web-1.pdf [5] (خ) رامي , دانيال ليفين – سباوند , الفصل 230 تاريخ المثلية الجنسية في تونس , إصدار مارس 2019, صفحة 31. [6] (خ) رامي , دانيال ليفين – سباوند , الفصل 230 تاريخ المثلية الجنسية في تونس , إصدار مارس 2019, صفحة 8. [7] ويكيبيديا، الموسوعة الحرة , حقوق أفراد مجتمع الميم في تونس , في فترة ما بعد الربيع العربي. https://cutt.ly/PZX7CcH [8] هيومن رايتس ووتش , “محاكمات بسبب المثلية في تونس انتهاكات اثناء مدة الاحتفاظ وفي السجن ” , مقال في مارس/آذار 29, 2016 .https://www.hrw.org/ar/news/2016/03/29/288195 [9] يمكن ذكر قضية الرجال الستة التي أصدرت المحكمة الابتدائية حكما بالسجن لمدة 3 سنوات تليها خمس سنوات نفي من القيروان وهو انتهاك صارخ لحرية التنقل المنصوص عليها بالفصل 30 من دستور 2022 و الفصل 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقد تم اعتقالهم من قبل رجال الشرطة بعد تلقيهم معلومـات عن مثليين جنسيين يستغلون منزل في القيروان للواط و بمجرد وجود فساتين و واقي ذكري غير مستعمل تم إستجوابهم و نقلهم في اليوم الموالي للمستشفى , مما يعد خرقا للفصل 35 من دستور 2022 و إجبارهم على الخضوع لفحص شرجي مهين للذات البشرية [10] (خ) رامي , دانيال ليفين – سباوند , الفصل 230 تاريخ المثلية الجنسية في تونس , إصدار مارس 2019 , صفحة 73. [11] (خ) رامي , دانيال ليفين – سباوند , الفصل 230 تاريخ المثلية الجنسية في تونس , إصدار مارس 2019 , صفحة 74.[12] السفارة الأمريكية في تونس، تقرير بشأن حقوق الانسان في تونس. متوفر في: https://tn.usembassy.gov/ar/ (تم الاطلاع عليه بتاريخ 02/08/2021) [13] مرجع إلكتروني، متوفر في: https://www.apa.org/topics/lgbtq/answers-questions-so-arabic.pdf(تم الاطلاع عليه بتاريخ 01/09/2021). [14] تم تعليق نشاط ” جمعية شمس ” سنة 2017 بعد عريضة من محامي الدّولة بدعوى عدم احترامها لقانون الجمعيات وبالتحديد التعارض بين أهدافها المُعلنة وممارستها الواقعية غير أنه تم قبول الطعن لاحقًا في تعليق النشاط، مع استمرار الجدل القانوني حول شرعيتها و قد قدمت الجمعية تقريرًا أمام مجلس حقوق الإنسان قدمت خلاله عرضًا لما تسميه انتهاكات ضد الأقليات الجنسيات، كما قدمت جملة من التوصيات أهمها إلغاء الفصل 230 المجرّم للعلاقات المثلية وسنّ قانون لمكافحة التمييز على أساس الميول الجنسية. [15] مجلة متخصصة في مسائل المثلية الجنسية و موجهة أساسا إلى المثليين في الشرق الأوسط والمغرب العربي. https://gaydaymagazine.wordpress.com/ [16] برنامج الصراحة راحة حوار مع سمير ديلو اhttps://www.youtube.com/watch?fbclid=IwAR3GpUbbb_e0UKSojA5DAYP0kUrdJm036XS2CgV2XVf-LYfeoWv5wikNGeY&v=8gTwOk3z2po&feature=youtu.be [17] كانت تصريحات الوزير توحي قبل الانتخابات بأن الملحدين والمثليين الجنسيين ليس لهم ما يخشونه من فوزه و هو ما يتبلور في شعار ضرورة احترام الحريات الفردية فتقول “إن الحرية وتكريم الذات البشرية هما جوهر رسالة الإسلام ومحور نضال حركتنا وتضحية رجالها ونسائها، ونؤمن بأن الإنسان خلق حرا ويجب أن يعيش حرا، ولا نقر بأي شكل من أشكال الإكراه في مجال الاعتقاد والتعبير وخيارات الأفراد والجماعات وفق مبدأ إسلامي أصيل” لا إكراه في الدين ” :[18] شمس fm, وزير العدل يدعو إلى إلغاء الفصل 230 الذي يجرم المثلية الجنسية 2015/09/28 https://www.youtube.com/watch?v=yXM6Z6HkixQ [19] مختار الطريفي: سنطعن في شرعية الفصل 230 المتعلّق بالمثليّة https://www.youtube.com/watch?v=oWB1S97YmKM [20] ماذا قالت سامية عبو في المثلية الجنسية ؟ https://www.youtube.com/watch?v=mw5loFJzhjs [21] موقف عبير موسي من قانون الإعدام و تجريم المثلية الجنسية https://www.youtube.com/watch?v=EvDQO64H-ag[22] قيس سعيد و موقفو من المثلية الجنسية https://www.youtube.com/watch?v=iZrYFFVlnlU [23] (خ) رامي , دانيال ليفين – سباوند , الفصل 230 تاريخ المثلية الجنسية في تونس , إصدار مارس 2019 , من الصفحة 62 إلى 69. [24] RAPPORT D’ANALYSE DE DONNÉES : CAS DE DISCRIMINATIONS COLLECTÉS PAR LES POINTS ANTI-DISCRIMINATION ET L’OBSERVATOIRE POUR LA DEFENSE DU DROIT À LA DIFFERENCE , Insaf Bouhafs Mars 2021 , page 18 https://minorityrights.org/wp-content/uploads/2021/03/REPORT-MRG-Final-5.0.pdf [25] Rapport d’analyse des données sur les cas de discrimination récoltés par les points Anti-Discrimination, réalisé par Mohamed Amine Jelassi, 2020 , page 35 et 36 . [26] و هو ما وقع في صفاقس على شاب تونسي بحيث أنه حدد موعداً مع رجل آخر على الإنترنت لممارسة الجنس، ولكن الأخير قام برفقة رجل آخر بسرقة أغراضه في مكان اللقاء المحدد بينهما و قد تقدم الشاب بشكوى ضد الرجلين بدعوى اغتصابه وسرقته، فقررت المحكمة الحُكم عليه بالسجن ستة أشهر بتهمة المثلية الجنسية.[27] L’homosexualité a-t-elle été dépénalisée en 1791 ou en 1982 ? https://www.liberation.fr/checknews/2018/06/18/l-homosexualite-a-t-elle-ete-depenalisee-en-1791-ou-en-1982_1660079/ [28] مرجع الكتروني، متوفر في: https://fr.wikipedia.org/wiki/Droits_LGBT_en_France (تم الاطلاع عليه بتاريخ 06/09/2021). [29] Droits LGBT en France https://fr.wikipedia.org/wiki/Droits_LGBT_en_France [30] باتينا ( إ) , نيسيتو ( ك) , إلغاء تجريم المثلية الجنسية: يصادق مجلس الشيوخ على ذلك مثل رسالة بالبريد , 29 جوان 2020. [31] Gabon: Anti-Gay Law in Gabon Passes First Step to Decriminalization https://allafrica.com/stories/202006250022.html [32] Droits LGBTQ à Cuba https://fr.wikipedia.org/wiki/Droits_LGBT_%C3%A0_Cuba [33] هيومن رايتس ووتش , تونس: الأطباء يعارضون “الفحص الشرجي” الخاص بالمثلية على المجالس الطبية في شتى أنحاء العالم الاقتداء بهذا النموذج , أبريل/نيسان 12, 2017 : https://www.hrw.org/ar/news/2017/04/12/302101?fbclid=IwAR1xUCioJwZ0wAcaylWjTe34o9Mfg6ljYz7kXqWlieJVX_P3BYuRpU_ErFc