ملخص تنفيذي
تفتقر تونس إلى تمشّ مهيكل فيما يخص التكفل بمتعاطي المؤثرات الذهنية. حيث تبقى التدخلات معزولة بسبب الإطار التشريعي الذي يطغى عليه الطابع القمعي. تقترح هذه الورقة السياسية مقاربة شاملة ومتناسقة لتطوير استراتيجيات تتلاءم مع واقع مشكلة تعاطي المخدرات في تونس.
مقدمة
لا تقترح الدولة التونسية، إلى يومنا هذا، أي مقاربة مهيكلة ومتناسبة للتعامل مع متعاطي المؤثرات العقلية. وفي مواجهة تفاقم هذه المشكلة واستعجاليتها، تحاول الدولة تعويض غياب استراتيجية شاملة بالالتجاء إلى التدخلات المعزولة. منذ دخول القانون 52 حيز التنفيذ وتنقيحه باتجاه تخفيفه في عام 2017، تستمر محاكمة العديد من الأشخاص لخرقهم هذا التشريع، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى عواقب مدمرة مثل التسرب المدرسي أو الهجرة غير النظامية أو الانحراف. ناهيك عن انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها متعاطو المخدرات أثناء احتجازهم (الحبس الجماعي، اختبارات البول دون احترام للكرامة المعنوية والجسدية للشخص، إلخ).
إحصائيات غير تمثيلية واستراتيجيات غير ملائمة
يصعب تحديد حجم الظاهرة بدقة في ظل غياب إحصاء وطني رسمي حول تعاطي المخدرات. تستند التقديرات إلى مؤشرات مختلفة مثل عدد المسجونين لارتكاب جرائم تتعلق بالمخدرات. أما بقية الأرقام فهي متأتية بشكل أساسي من المشروع المتوسطي للبحث حول الكحول والمخدرات الأخرى في المدارس (MedSPAD 2013 ،2017 [1]،2021[2])، والذي يقتصر على تلاميذ المدارس والمعاهد الثانوية. وبحسب نبيل بن صالح، رئيس الجمعية التونسية لطب الإدمان (STADD)، يواصل صانعو القرار الاعتماد على التقديرات التي تقترحها التحقيقات والإحصاءات العرضية والتي لا تعتبر مكتملة. على سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن حوالي 2.5 مليون شخص مدمنون على التبغ وحوالي 639000 مدمن على الإيثانول، وما يقارب 390.000 مدمن على الحشيش وحوالي 33000 من متعاطي المخدرات [3]عبر الحقن.
تجعل هذه الاستبيانات المتفرقة من اعتماد نهج عالمي لمكافحة استهلاك المخدرات أمرا أكثر تعقيدا. فعادة ما التدخلات معزولة وغير منسقة. في سنة 2018، تم إنشاء مرصد وطني للمخدرات والسلوك الإدماني تحت رعاية وزارة الصحة بالتعاون مع شبكة Med-Net ومجموعة بومبيدو[4]. كان إنشاء هذا المرصد أحد الأهداف التي تندرج ضمن إصلاح القانون 92-52 المتعلق بالإدمان والمخدرات. وكان دوره يتمثل في جمع وتحليل وتقييم المعطيات المتعلقة بالمخدرات والإدمان[5] ومن مهامه، بالتالي، أن يشكل مصدرا للبيانات الموثوقة لتوجيه صناع القرار السياسي وتأمين مراقبة المشاريع واستدامتها. بالرغم من ذلك، ومنذ إنشائه قبل ما يقرب من خمس سنوات، لم يتم نشر أي إصدار كما لم يتم الإعلام بخصوص إطلاق أي دراسة وطنية.
من الواضح إذن أن تونس تواجه تحديات كبيرة من حيث تجميع المعطيات الدقيقة حول تعاطي المخدرات بما يخوّل لها وضع استراتيجيات فعالة لمكافحة هذه الآفة.
الإطار التشريعي لمكافحة المخدرات: مقاربة لا تزال قمعية
لا يزال التمشي القمعي مهيمنا فيما يخص الإطار التشريعي لمكافحة المخدرات. فمنذ دخول القانون 52 المتعلق بالمخدرات حيز التنفيذ، استمر عدد الأشخاص الذين حوكموا على خلفية خرق هذا التشريع في الازدياد. حسب إحصائيات رسمية من وزارة الداخلية، ازدادت الجرائم المتعلقة بتعاطي المخدرات بشكل مستمر على الأقل حتى سنة [6]2015. في سنة 2017، بفضل إصرار المجتمع المدني، تم تخفيف هذا القانون بإصدار القانون رقم 2017-39 في 8 ماي [7]2017. يسمح هذا التنقيح للقضاة باعتماد الظروف المخففة من خلال استبدال العقوبة السجنية بعقوبة مع إمكانية وقف التنفيذ أو بتسليط غرامة. من خلال هذا الإصلاح، يسمح المشرع أيضًا، مرة واحدة في العمر، للشخص المدمن بالاستفادة من الرعاية دون التعرض لعقوبات جزائية. ومع ذلك، فإن هذا الإجراء يتعارض مع طبيعة الإدمان، الذي يُصنّف كمرض مزمن. إذ وفقا للتصنيف التشخيصي لـ DSM-5[8]، يعتبر إدمان المخدرات أو اضطراب تعاطي [9]المؤثرات العقلية مرضا طويل الأمد حيث يكون الانتكاس هو القاعدة، وهو أيضا التصنيف المعتمد من قبل منظمة الصحة العالمية.
على المستوى العملي، لم يتم إجراء أي تغيير هيكلي. في الواقع، منذ سنة 2017 إلى 4 مارس 2019، تم التصريح ب7998 إدانة في قضايا متعلقة بالمخدرات[10]. وبالتالي، لم يكن القانون 52-1992 ولا الإصلاحات التي جاء يها التعديل 42-2017 فعالة في تقليل عدد المستهلكين بشكل واضح أو في منعهم من العودة إلى استهلاكهم في حالة الإدمان. هل يسلط هذا الواقع الضوء على تناقض بين الرؤية القضائية التي تقترح عقوبات غير متناسبة لجريمة الاستهلاك، والرؤية المجتمعية التي يجدر بها أن تعتبر استهلاك المؤثرات العقلية، والإدمان على وجه الخصوص، قضية صحة عمومية؟
التعامل مع مشكلة الإدمان في تونس: وضع البنية التحتية المؤسساتية
تعدّ تونس، وفقًا لتقرير صادر عن منظمة “الحد من الضرر” (Harm Reduction) سنة 2012، واحدة من الدول التي تبنت طريقة الحد من الأخطار [11](RdR) في علاج الإدمان. يهدف هذا النهج العملي إلى الحد من المخاطر المرتبطة بالاستهلاك مع السعي لتقليل تعاطي المخدرات. وهو يقوم على الاهتمام بالحد من انتشار الأمراض المنقولة عن طريق الدم، وخاصة فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد B و C، التي يتعرض لها بشكل خاص متعاطو المخدرات بالحقن كأولوية. وفقا لبيانات متأتية من حملات الكشف التي نظمتها الجمعية التونسية للإرشاد والتوجيه حول السيدا والإدمان (ATIOST)، بين جانفي ونوفمبر 2021، فإن 45٪ من متعاطي [12]المخدرات بالحقن من يحملون فيروس نقص المناعة البشرية / الايدز.
تتطلب سياسة الوقاية رؤية طويلة الأمد تتمحور حول الصحة العمومية وتقوم على توفير حزمة من الخدمات الصحية الموجهة إلى هذه الفئة من السكان. لكن الدولة لم تضع حتى الآن بنية أساسية مؤسساتية مناسبة لرعاية هذه الفئة. حيث يبقى عدد مراكز الإرشاد والاختبار خفية الإسم والمجانية (CCDAG)، المعدّة لاستقبال المرضى في العيادات الخارجية أو للاستشارات اليومية[13]، قليلا جدا. كما يزيد الغياب التام لمراكز “إزالة السموم” ووجود مركز حكومي وحيد “للنقاهة” في جبل الوسط من تفاقم الوضع. هذا الأخير تم إغلاقه منذ الثورة ولم يُفتح مجددا إلا في سنة 2019 كجزء من اتفاق بين وزارة الصحة ونادي “روتاري تونس الأمل” [14](CRTH). يعرض هذا المركز تعريفة 30 دينار لقضاء الليلة الواحدة. بالنظر إلى أن برامج إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي طويلة الأجل (من 3 أشهر إلى [16]سنتين لضمان فعاليتها)[15]، فإن هذه التكلفة تعتبر كبيرة في بلد يبلغ فيه الأجر الأدنى المضمون 429 دينارا.
لمواجهة غياب مراكز “إزالة السموم”، وقع إنشاء مركزين للرعاية أحدهم صلب مستشفى الرازي للأمراض النفسية والعصبية بتونس، وآخر في مستشفى الهادي شاكر بصفاقس. بالإضافة إلى ذلك، يتكفل مركز الإسعاف الطبي الاستعجالي والإنعاش (CAMU)، الواقع كذلك في تونس العاصمة، بعلاج متلازمات الانسحاب. لكن هذه الهياكل العمومية من الخط الثالث، المتمركزة في المدن الكبرى، تعاني من تدفق كبير للمرضى مقابل قدرتها على الاستقبال المحدودة بالفعل. أما مراكز “إزالة السميّة” الخاصة فلا تخضع لأي تنظيم أو مراقبة [17]من قبل مصالح وزارة الصحة.
تبعا لذلك، يجد مستهلك المخدرات الذي تقدم تلقائيا لتلقي العلاج من الاضطراب الناتج عن تعاطي المخدرات نفسه في موقف صعب: مؤسسة عمومية غير فاعلة ولا تتماشى مع متطلبات رعايته من ناحية، ونظام قانوني يعتبر استهلاكه جريمة دون أي مراعاة لطبيعة مرضه.
البدائل المقترحة:
من الضروري أن تضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات التنسيق الفعال بين مختلف الكيانات المعنية بالتكفل بمعالجة الإدمان والأمراض ذات الصلة.
الإصلاح التشريعي من خلال عدم التجريم وإلغاء العقوبة المنصوص عليها بالقانون 52:
إن عدم التجريم يؤدي إلى إلغاء القوانين التي تعتبر استخدام المخدرات أو حيازتها للاستخدام الشخصي جناية وإعادة توجيه العملية القضائية نحو الخدمات الإدارية أو الصحية. بعبارة أخرى، يتعلق الأمر باقتراح عقوبات تتماشى مع الأضرار الناجمة عن أفعال الشخص المخالف، وكذلك مع الذنب المقترف وظروف اقترافه. فمن الأنسب إذن اقتراح قوانين تفرّق بوضوح بين الاستهلاك الشخصي والتزود لأغراض تجارية (وكذلك الأمر بالنسبة لزراعة النباتات المخدرة بغاية الاستخدام الشخصي أو التجاري) وبين الجنح البسيطة والجرائم الخطيرة مثل الاتجار بالمخدرات. يبقى أن هذا التمييز ليس من السهل تحديده دائما. في الواقع، لا ينبغي أن تقتصر هذه القوانين على تعريف الكمية التي نتمثل حدا يميز الاستخدام الشخصي عن الاستخدام التجاري. يمكن تعريف الاستخدام الشخصي من خلال الحيازة والاستحواذ والإنتاج (كما في حالة عصام بوقرة[18])، أو من خلال “الحالات المحدودة المناسبة” (على سبيل المثال، عندما يتاجر شخص بالمخدرات لتمويل استهلاكه الخاص بشكل أساسي). يجب على الدولة، في مثل هذه الحالات البسيطة، وضع بدائل للأحكام [19]والعقوبات، كالتعليم أو إعادة التأهيل أو إعادة الإدماج الاجتماعي، وتوفير علاج للإدمان عوضا عن العقوبات الجنائية.
تعزيز البنية التحتية المؤسساتية
تتطلب مكافحة استهلاك المخدرات والإدمان، في حالة حصوله، على هذه المواد، تمشيا وقائيا (برامج وقاية وحدّ من الأضرار) بالإضافة إلى التمشي العلاجي. يمكن تنفيذ برامج الوقاية من المخدرات عبر هياكل مختلفة، تتراوح من الهياكل التعليمية إلى الهياكل الجمعياتية. وقد أظهرت التدخلات من خلال المجموعات والأقران[20] نتائج واعدة في ما يخص التوقي من استهلاك المخدرات[21]. تهدف هذه التدخلات أساسا إلى معالجة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية الكامنة وراء تعاطي المخدرات.
في الواقع، يمكن أن تشكل العوامل الاجتماعية والاقتصادية عناصر خطر تشجع على سلوكيات تؤدي لمشكلة الاستهلاك. وكلما كانت عوامل الخطر هذه أكثر أهمية، كلما وجب أن تكون التدخلات موجهة وتستهدف السياق الاجتماعي للأشخاص المعنيين. وبالتالي، فإن التدخلات القائمة على الجماعات تكون فعالة بشكل خاص في تسليط الضوء على واقع هؤلاء الأفراد.
أما فيما يتعلق بالرعاية، فإنها تتضمن مجموعة من المراحل المتسلسلة بهدف دعم الشخص الذي يعاني من اضطراب تعاطي المخدرات: مراكز استقبال ذات الحد الأدنى ومراكز إزالة السموم وهياكل ما بعد العلاج. يجب على هذه الهياكل المختلفة لعلاج الإدمان أن تعمل على خلق حالة من الترابط والاستمرارية فيما بينها.
في البداية، تشكل مراكز الاستقبال ذات الحد الأدنى[22] هياكل ذات عتبة قبول منخفضة. يعني ذلك فعليا أنه لا يطلب من الشخص أن يكون ممتنعا تماما عن الاستهلاك حتى يمكنه الاستفادة من الخدمات التي تقدمها هذه المراكز. تقوم هذه المراكز أيضًا بدور التوجيه للأشخاص الذين يرغبون في بدء العلاج من اضطراب تعاطي المخدرات أو للتداوي من الأمراض الثانوية المنجرّة عن التعاطي (خاصة الأمراض الفيروسية). وبالتالي فإنها تشكل حلقة وصل بين ممارسة برامج الحد من المخاطر وإعداد الشخص للانطلاق في خطة العلاج. على الرغم من وجودها، إلا أن عدد المراكز ذات العتبة المنخفضة في تونس ليس كافيا لمواجهة الزيادة في معدلات الاستهلاك، كما أنها متركزة بشكل أساسي في المدن الكبرى[23]. لذلك فإنه من الأنسب دعم منظمات المجتمع المدني المرتبطة بهذه المراكز ماليا، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
في مرحلة ثانية، يتوجه الشخص إلى مركز إزالة السموم، حيث يستفيد من الرعاية الطبية لبدء إقلاعه عن التعاطي. في هذا الإطار، من الضروري أولا إعادة فتح مركز صفاقس المغلق منذ عام [24]2016 كجزء من خطة التكفل بعلاج الإدمان.
في 8 مارس 2023، أطلقت الجمعية التونسية لطب الإدمان مبادرة لفتح مستشفى نهاري لاستقبال النساء المصابات باضطرابات تعاطي المخدرات[25]. ما جعل مستشفى الرازي يفتتح المستشفى النهاري “تانيت” لتقديم رعاية متعددة التخصصات مع الأخصائيين والأطباء النفسيين وأطباء الاختصاص، وكذلك ورشات العلاج من خلال ممارسة الرياضة أو الفن أو الموسيقى.
تعدّ هذه المبادرة قيّمة وينبغي أن تستلهم منها المؤسسات الصحية الأخرى في جميع أنحاء البلاد لتحسين وتعميم التكفل بضحايا الإدمان.
في المستوى الثالث، يفترض أن ينطلق الشخص في برنامج إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي. وأحد الأهداف الرئيسية لهذه البرامج هو تعزيز إعادة اندماج الفرد في المجتمع من خلال تسهيل حصوله على عمل ومن خلال تزويده بوسائل الدعم الاجتماعي. تجدر الإشارة إلى أن هذه الهياكل تمنع استهلاك أي مواد مخدرة داخلها، ولكنها تضمن استعدادها لاستقبال المرضى بطريقة مستدامة، بالنظر إلى أنهم يعانون من مرض مزمن ويواجهون خطر الانتكاس. مركز “أمل” لعلاج الإدمان هو المركز الوحيد الذي يقدم برنامج إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي. وبالتالي، من الضروري توفير الوسائل التقنية والموارد البشرية اللازمة لتلبية احتياجات مرتادي المركز واقتراح أسعار أكثر ملاءمة.
اعتبارا لإزمان المرض، من الضروري كذلك توفير تغطية اجتماعية مناسبة للأفراد المستفيدين من هذه البرامج. أخيرًا ، يجب تشجيع إنشاء هياكل أخرى مماثلة لإزالة السموم أو لما بعد العلاج من أجل تسهيل الحصول على الرعاية وتلبية الطلب المتزايد على العلاج.
وضع برنامج علاج التعويض بالميثادون (Methadone):
يتمثل الاستبدال في اقتراح منتج معوّض ينتشر في الجسم تدريجيا، دون أن ينتج عنه إحساس بالنشوة مع الإبقاء على الحالة الوظيفية السليمة للمستهلك[26]. يعتبر الميثادون أحد أشهر العلاجات البديلة للأشباه الأفيونية. تم استخدامه لمدة 40 عاما من قبل العاملين في القطاع الصحي وأثبت نجاعته. على عكس العلاجات البديلة الأخرى، يهدف الميثادون إلى تقليل الرغبة في التعاطي دون أن تكون له أعراض النعاس أو الخمول، بما يسمح للمرضى بالاستفادة القصوى من الدعم النفسي والاجتماعي الذي يعد جزءا لا يتجزأ من علاجاتهم.
تم القيام بعديد حملات المناصرة باتجاه إنشاء برنامج للعلاج بالميثادون، كان آخرها في سبتمبر [27]2022، بمشاركة ممثلين عن المجتمع المدني والمهنيين وبالشراكة مع وزارة الصحة، والذي تم تخصيص جزء منه لتنفيذ العلاجات ببدائل الأفيونيات (والميثادون على وجه الخصوص) في تونس. كما عقدت جلسات عمل أخرى لتطوير ومناقشة بروتوكولات توزيع الميثادون. ومع ذلك، لم تتم ملاحظة أي تغيير ملموس. على أرض الواقع، لا يزال العلاج بالتعويض باستخدام الميثادون غير منظم بنص قانوني محدد. فمن أجل المضي قدما في إجراءات إدماج الميثادون، يصبح من الضروري العمل على صياغة نص تشريعي يحدد شروط الوصفة الطبية وبروتوكولات توزيع هذه المادة. كما أنه من الضروري أيضا النظر في تدابير الرقابة والعقوبات لمنع أي استخدام أو توزيع غير قانوني للميثادون.
تنفيذ برامج إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي:
وضع برامج لإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي تأخذ في الاعتبار مشروع حياة متعاطي المخدرات أمر أساسي، إذ تهدف إلى مساندة عملية الإقلاع عن التعاطي والتركيز على العلاج النفسي وإعادة الإدماج الاجتماعي والمهني. على الرغم من أن هذه البرامج لا تحل محل العلاج بالأدوية، إلا أنها تكمله. بمجرد أن يبدأ المريض في الإقلاع فإنه يصبح، في معظم الحالات، واعيا بحدود جرعات الأدوية ويظهر رغبات جديدة يتم تشكيلها بمساعدة متخصص من المجال النفسي والاجتماعي. الهدف من برامج إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي هذه هو تحسين جودة الحياة والصحة البدنية والنفسية للأشخاص المعنيين، بالإضافة إلى تعزيز اندماجهم الاجتماعي والمهني.
يهدف هذا التمشي كذلك إلى تجنب الانتكاس من خلال توفير متابعة طويلة الأمد يمكن أن تمتد ّ على طول حياة الشخص. من المهم ضمان الاتصال والتواصل بين الهياكل المختلفة وتسهيل تنسيقها مع المركز الذي ينتمي إليه الشخص، كأحد مراكز ما بعد العلاج التي تقترح التعافي في جماعات، وكذلك مع الهياكل الأخرى مثل مكاتب التشغيل والوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل فيما يتعلق بإعادة الإدماج المهني.
وضع نظام للتقييم الدوري للتحسن المحرز:
من الضروري إجراء تقييم منتظم ومستمر لنجاعة وملاءمة برامج العلاج التي تم تطويرها. لهذه الغاية، من الواجب إجراء دراسات إحصائية على المستوى الوطني، والتي ينبغي تعميمها على جميع شرائح المجتمع. الهدف منها هو توفير أرقام موثوقة ودقيقة حول مؤشرات مختلفة. تقع هذه المهمة ضمن اختصاصات المرصد، الذي سيكون عليه أن ينشئ ديناميكية بين جميع المؤسسات المشاركة في جمع البيانات، بما يسمح بإجراء تقييم كمي للاستراتيجيات المعتمدة. كما سيكون المرصد مسؤولاً عن نشر هذه المعلومات ومدّ جميع المؤسسات المعنية بها، ولا سيما وزارة الصحة. التي ستتمركز بها عملية وضع الاستراتيجيات وتقييمها.
التوصيات
إن التمشي المتكامل يتطلب تعاونا وتنسيقا بين العديد من الهيئات الحكومية، بالأساس وزارات الصحة والشؤون الاجتماعية والعدل والتربية والتعليم، مع إقامة شراكات منفتحة وشفافة مع المجتمع المدني.
المؤسسة التشريعية:
o وضع سياسة جزائية جديدة تميز بين المستهلكين والمروجين والمنتجين، وتضمن الحق في العلاج من اضطرابات تعاطي المواد المخدرة.
مجلس نواب الشعب:
- إعادة وضع مشروع إصلاح القانون 52 على جدول الأعمال.
المؤسسة التنفيذية:
- صياغة مراسيم تشريعية تتعلق بإدراج الميثادون في الوصفة الطبية وببروتوكولات التوزيع والاستخدام.
وزارات الصحة بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في تونس:
- ضمان انطلاق العمل بالمرصد الوطني للمخدرات من خلال تخصيص الموارد المالية والبشرية اللازمة.
- إعادة فتح مركز إزالة السموم في صفاقس، بالإضافة إلى إنشاء مراكز أخرى لإزالة السموم وما بعد العلاج في مناطق مختلفة من الدولة.
- توفير التغطية الاجتماعية للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات تعاطي المخدرات بالتعاون مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض.
- التنسيق بين هياكل العلاج المختلفة وبرامج التكفّل والتأهيل من أجل تسهيل تنقل الأفراد بين الخدمات المختلفة.
المرصد الوطني للمخدرات والسلوك الإدماني:
- إنشاء ديناميكية لجمع البيانات من المؤسسات المعنية.
- إجراء دراسات إحصائية دورية على مستوى وطني لتوفير أرقام ممثلة للواقع ولتحديد المستهلكين الأكثر حاجة للعلاج.
- النشر والإعلام بنتائج هذه الاستطلاعات.
وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ من خلال المراكز المندمجة للشباب والطفولة ومراكز الدفاع والإدماج الاجتماعي ومراكز التأطير والتوجيه الاجتماعي:
- تطوير نظام طبي اجتماعي متخصص يهدف إلى استقبال المستهلكين الشباب مع عائلاتهم للحصول على رعاية أفضل.
وزارة التربية والتعليم العالي:
- وضع بروتوكولات للوقاية من خلال تنفيذ برامج التدخل المجتمعي وتدخلات الأقران داخل المؤسسات التعليمية.
[1]تائج المسح الوطني MedSPAD II (مشروع مسح المدارس المتوسطية حول الكحول والمخدرات الأخرى) ، 2017 https://rm.coe.int/2017-ppg-med-41-MedSPAD-tunisia-report-fra/16808cbf44[2]مسح MedSPAD ، توجيهات 2020-2021 https://rm.coe.int/p-pg-mednet-2021-8-medspad-guidelines-2020-2021-en/1680a2c810[3] ديدييه توزو ، “تونس: من أجل تشريعات تتلاءم مع معالجة الإدمان” ، (Le Courrier des addiction (20 – عدد 1 – جانفي – فيفري – مارس 2018 https://www.edimark.fr/Front/frontpost / getfiles / 26700.pdf[4] مجموعة بومبيدو: هي مجموعة للتعاون ومكافحة تعاطي المخدرات والاتجار غير المشروع تحت إشراف المجلس الأوروبي -e / 168075f8cc[5] كابيتاليس ، تونس: مرصد لمكافحة المخدرات لفعل ماذا؟ ، 26 ماي 2015 https://kapitalis.com/tunisie/2015/05/26/tunisie-un-observatoire-anti-drogue-pour-quoi-faire-2/[6] البوصلة: لجنة التشريع العام، 11 جانفي 2017[7] قانون عدد 39 لسنة 2017 مؤرخ في 8 ماي 2017 يتعلق بتنقيح القانون عدد 52 لسنة 1992 المؤرخ في 18 ماي 1992 المتعلق بالمخدرات https://legislation-securite.tn/law/55814[8] DSM-5: الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، الإصدار الخامس. (2022 ب).[9] منظمة الصحة العالمية ، «WHO | الأمراض المزمنة» 2014. https://www.who.int/topics/chronic_diseases/fr/.[10] جمعية نواة ، تعديل قانون 52: حصيلة مثيرة للجدل ، 10 فيفري 2021 https://nawaat.org/2021/02/10/amendment-de-la-loi-52-un-bilan-controverse/[11] Harm Reduction International, “Harm Reduction International, The Global State of Harm Reduction 2012, towards an integrated response”, 2012.[12] البيانات المقدمة خلال ندوة لتثمين البيانات المستخرجة أثناء حملات الكشف التي نظمتها الجمعية التونسية للإرشاد والتوجيه حول السيدا والإدمان بين جانفي ونوفمبر 2021، كجزء من الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا.[13] مراكز الاستشارة والكشف المجانية وحفية الاسم الخاصة بفيروس نقص المناعة البشرية (GOUV) 13 فيفري 2022 https://ccmtunisie.org.tn/centres-ccdag[14] WEBMANAGER ، إعادة افتتاح مركز أمل للتعليم والوقاية من الإدمان بجبل الأوسط ، 25 جوان 2019 https://www.webmanagercenter.com/2019/06/25/436413/reouverture-a-djebel-el-oust – مركز الأمل للتوعية والوقاية من إدمان المخدرات /[15] Drake, R. E., O’Neal, E. L., & Wallach, M. A. (2008) مراجعة منهجية للبحوث النفسية والاجتماعية حول التدخلات النفسية والاجتماعية للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية شديدة وتعاطي المخدرات. Journal of Substance Abuse Treatment, 34(1), 123-138. https://doi.org/10.1016/j.jsat.2007.01.011[16]https://paie-tunisie.com/369/fr/smig-et-smag[17] ديدييه توزو ، “تونس: من أجل تشريعات تتلاءم مع لمعالجة الإدمان” ، Le Courrier des addiction (20) – عدد1 – جانفي – فيفري – مارس 2018 https://www.edimark.fr/Front/frontpost / getfiles / 26700.pdf[18] بيزنس نيوز، عصام بوقرة متوج في باريس،لمسجون في تونس… https://ar.businessnews.com.tn/%D8%B9%D8%B5%D8%A7%D9%85+%D8%A8%D9%88%D9%82%D8%B1%D8%A9+%D9%85%D8%AA%D9%88%D9%91%D8%AC+%D9%81%D9%8A+%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B3%D8%8C+%D9%85%D8%B3%D8%AC%D9%88%D9%86+%D9%81%D9%8A+%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3…%0D%0A%0D%0A,520,27968,3[19] International Drug Policy، IDPC DRUG POLICY GUIDE 3RD EDITION، International Drug Policy Publication، 2016، http://fileserver.idpc.net/library/IDPC-guide-3-EN/IDPC-drug-policy -guide_Chapter-3.3.pdf[20]كارفور للإدمان، الوقاية عن طريق الأقران https://carrefouraddictions.ch/fegpa/pros-et-collectivites/prevention-par-les-pairs/#:~:text=L’intervention%20par%20les%20pairs,espace%20public%2C%20manifestation%20%E2%80%A6). [21] Du Roscoat، E.، Clément، J.، & Lamboy، B. (2013). تدخلات مُصادق عليها أو واعدة في الوقاية من تعاطي المواد غير المشروعة بين الشباب: تأليف للأدبيات. الصحة العامة، S1 (HS1)، 47-56. https://doi.org/10.3917/spub.130.0047[22] “مراكز الاستقبال ذات الحد الأدنى” هي مراكز ذات عتبة منخفضة. بشكل ملموس، هذا يعني أنه لا توجد متطلبات مفروضة على المستفيد لقبوله في الهيكل وحصوله إلى الخدمات المقدمة. بناء على ذلك، لا يشترط الامتناع عن ممارسة الجنس من قبل الشخص للاندماج في هذه المراكز. يمكنه الاستفادة إما من برامج الحد من المخاطر أو من الرعاية الطبية من خلال الحصول على العلاجات البديلة أو الدعم النفسي دون الحاجة إلى التوقف عن التعاطي.[23]Les centres de l’ASIOT : Association Tunisienne: Information et orientation sur la toxicomanie et le SIDA https://www.atiost.org.tn/FR/?page_id=66[24]Drogue: Il faut sauver le centre de désintoxication de Sfax https://kapitalis.com/tunisie/2016/01/31/drogue-il-faut-sauver-le-centre-de-desintoxication-de-sfax/[25] https://news.gnet.tn/hopital-de-jour-pour-les-femmes-victimes-daddiction/[26] Gauss. H, Voyages internationaux sous traitement par méthadone ou buprénorphine, alcoologie et addictologie, 2018, 40 :149-159 [27] http://www.santetunisie.rns.tn/images/point_infodssb1.pdf