ملخص تنفيذي:
يكفل الدستور التونسي الحق في الصحة السليمة، غير أن نفاذ المواطنين والمواطنات للتغطية الصحية المتكاملة التي تحترم كافة تدابير الجودة اللازمة يبقى رهينة توفر رأس المال البشري المطلوب. يتجه الإقرار عموما بانخفاض هذا الرصيد بشكل حاد منذ عدة سنوات بسبب ظاهرة هجرة الأطباء. وهؤلاء في معظمهم من الشباب حديثي العهد بالتخرج، ويطمحون إلى رواتب أعلى وجودة حياة أرقى وبيئة عمل أفضل، إذ يغادرون أرض الوطن بعد الانتهاء من تدريبهم في الجامعات العمومية، مما سيؤدي إلى انخفاض في النفاذ إلى الرعاية الصحية، لا سيما داخل الجهات والاستجابة للطلب المتزايد على الأطباء في بلدان الوجهة. إن انعدام سياسة لمكافحة هذه الظاهرة من شأنه أن يؤدي إلى تداعي الهياكل الصحية و زيادة التفاوت في النفاذ إلى الرعاية لصالح أقلية محظوظة ماديا. وهذا يستتبع أيضا التقليل مستقبلا من جاذبية الدراسات الطبية ويزيد من حدة هذه الحلقة المفرغة. وبالتالي، فإن الحد من تدفق هجرة الأطباء من خلال العمل على مواجهة مسببات ذلك وطنيا يبقى أمرا حتميا.
مقدمة:
“تضمن الدولة الوقاية والرعاية الصحية لكل مواطن وتوفر الإمكانيات الضرورية لضمان السلامة وجودة الخدمات الصحية” كما ينص الفصل 38 من الدستور التونسي[1].
فالقطاع الصحي لبنة أساسية لحماية كرامة الإنسان ورفاهيته عموما، لأنه بدون الصحة السليمة، لا يمكن لأي كان التمتع بأي حق آخر وخاصة الحق في التعليم والتوظف، وبالكاد يمكن له المشاركة في تنمية بلده ومجتمعه[2]. هذا الحق الأساسي الذي كفله الدستور يتعارض مع واقع تسوده جملة من الإخلالات الظاهرة للعيان: فإلى جانب العامل المؤسساتي والهيكلي، فإن إحدى المشاكل الرئيسية التي تتطلب حلولا عاجلة لضمان التغطية الصحية لجميع المواطنين، هي تزايد نقص “رأس المال البشري”. فقد شهدنا لسنوات هروبًا للأطباء من القطاع العام إلى القطاع الخاص ومن البلاد عموما إلى البلدان ذات الدخل المرتفع.وقد أدى هذا التسرب إلى استفحال أزمة النفاذ إلى الرعاية الصحية ، وترسيخ التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة.
تفاقم هذا الوضع بسبب عدم الاستقرار السياسي (13 وزير صحة منذ عام 2011[3])، وعدم استجابة الحكومات المختلفة لمشاكل قطاع الصحة العمومية ، ولا سيما تدهور ظروف العمل في المستشفيات، وانعدام الأمن مع زيادة كبيرة في نسبة العنف ضد المهنيين في القطاع الصحي (400 حالة عنف وسوء معاملة في جميع المستشفيات خلال عام 2017)[4]، وقد أدى مجمل هذه العوامل إلى زيادة نوايا الهجرة بين الأطباء الشبان.
هجرة الأطباء: نزيف يهدد القطاع الصحي
الأرقام المفزعة لهجرة الأدمغة
يمكن ملاحظة تواتر هجرة الأطباء التونسيين منذ سنوات. فهجرة الأدمغة أو تنقل الكفاءات، وإن اختلفت أسماء هذه الظاهرة، إلا أن هذا النزيف قد أضحى يهدد البلاد التونسية التي بدأت تخسر عددا كبيبرا من كفاءاتها بشكل محموم منذ الثورة. فوفق ديوان التونسيين بالخارج، فإن عدد الأطباء الذين يباشرون عملهم خارج أرض الوطن (خاصة في أوروبا ) قد بلغ 563 طبيباً سنة 2000[5]. في حين تضاعف هذا العدد تقريبًا خلال17 عامًا، حيث وصل العدد إلى 1000 طبيب في الخارج في سنة2017[6].
ومنذ سنة2017 ، يغادر تونس 800 طبيب كل سنة[7]، معظمهم من الأطباء الشباب. هؤلاء الأطباء يرحلون عن البلاد بمجرد حصولهم على درجة الدكتوراه في الطب من الجامعات التونسية ، للإلتحاق بإحدى الوجهتين المفضلتين: فرنسا وألمانيا[8].
ولعل ألمانيا أساسا توفر نقطة جذب هامة للأطباء الشباب، وخصوصا الشريحة المدربة على تقديم الرعاية الأولية[9].
وقد أدت هجرة الأطباء التونسيين إلى تراجع التغطية الصحية، وهي التي لا تشمل أساسا 25٪ من السكان في تونس[10]. فبالرغم من أن عدد الأطباء لكل 10000 نسمة قد بلغ13.1 في عام 2018[11]، أي ما يقارب المتوسط العالمي، فإن هذا التوزيع يبقى متفاوتا للغاية بين مختلف الجهات.
ففي سنة 2018 على سبيل المثال، كان لدى ولاية تونس العاصمة معدل يتفوق ب 15 ضعفا عن معدل ولاية سيدي بوزيد وفقا للمجلس الوطني لنقابة الأطباء[12].
تونس | سيدي بوزيد | |
عدد الأطباء | 3639 | 241 |
عدد السكان | 1071375 | 449026 |
هذا التفاوت المرتبط بعدم المساواة في توزيع الموارد الاقتصادية والاجتماعية قد أدى إضافة إلى عوامل أخرى لتدهور متزايد بشكل خاص في الصحة العمومية للمواطنين في المناطق الداخلية.
وفي حالة إنعدام توفر الإرادة السياسية لوقف ظاهرة هجرة الأطباء، فإننا سنعاني من جملة إرتدادات عكسية (تأثير الدومينو): فهذا النزيف المتواصل للأطباء في القطاع العام سيؤدي إلى انخفاض ملحوظ لعدد المدرسين في كليات الطب. وسينجم عن ذلك أساسا ضعف في تكوين الأجيال الجديدة من الأطباء ، مما سيؤدي بدوره إلى تفاقم النقص في الأطباء وتراجع جاذبية الدراسات الطبية وبالتالي تراجع عدد الأطباء.
علاوة على ذلك، يؤدي تدفق نسق هجرة الأطباء إلى ظاهرة “هدر الأدمغة” أو فقدان المهارات. فتونس تخسر كفائاتها العلمية بمعدل سريع جدا يوميا. إذ أن أطباء الإختصاص التونسيين الذين تلقوا تكوينهم بفضل أموال المجموعة الوطنية ، يغادرون البلاد بكل بساطة ليرضوا أحيانًا بمناصب مهنية أقل حتى من درجاتهم الأكاديمية (كرتبة “FFI”مثلا: أي متدرب بالإنابة في فرنسا حيث يشغله أحيانا أطباء الاختصاص ).
الأزمة الهيكلية والتدابير اللاعقلانية:
تخسر تونس يوما بعد يوم رصيدا هاما من «الأنتلجلنسيا»[13] والكفاءات المهنية في ظل «صمت متواطئ من نخبتها الحاكمة».إذ نلاحظ شبه غياب لأية استراتيجية سياسية واضحة وبعيدة النظر لمكافحة تدفق هجرة الأطباء إلى البلدان ذات الدخل المرتفع.
وفي مواجهة الانخفاض المستمر في عدد الأطباء وتدفق الهجرة المتزايد، يبدو أن السياسة المعتمدة من قبل الدولة [14]تثبط التوظيف في القطاع العام وتشجع على الإستقالات.
وتندرج أبعاد هذه السياسة ضمن التمشي العام للدولة في سياسة تخفيض فاتورة الأجور بالترافق مع تخفيض ميزانية وزارة الصحة من 6.6 عام 2011 إلى 5٪ سنة 2021 حسب توصيات صندوق النقد الدولي ضمن سياسة التقشف[15]. وفي سنة2018 ، أطلقت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد نداءً ضمن برنامج التقاعد المبكر الطوعي لتشجيع موظفي الخدمة المدنية، بمن فيهم الأطباء العاملين في القطاع العام على تقديم استقالاتهم، ودفع ما يعادل 24 إلى 26 راتبًا كتعويض لهم[16].
ومن جهة أخرى، فإن اعتماد البلدان المرتفعة الدخل لاستراتيجية السوق الحرة على توظيف الأطباء من البلدان المنخفضة الدخل، بما يتعارض مع ميثاق منظمة الصحة العالمية لتوظيف المهنيين الصحيين[17] دون أي احتجاج من الجانب التونسي حول ذلك، قد سمح كذلك باستدامة ظاهرة هجرة المهنيين الصحيين.
ومن بين الإجراءات القليلة التي اتخذتها الحكومة التونسية لمحاربة “التصحر” الطبي كان فرض سنة من العمل المدني الإجباري لجميع الأخصائيين الطبيين التونسيين[18].
هذا الإجراء، الذي تم توظيفه قبل خمسة سنوات بهدف تقليل التفاوت بين الجهات أساسا، لا يزال بعيدًا عن هدفه الرئيسي وهو الحفاظ على الأطباء في الوقت الراهن، نظرًا لتطور أرقام الهجرة.إذ يواجه الأطباء نقصًا في الموارد المادية للعمل وركودًا في تطورهم المهني كما ينظر الإختصاصيون إلى هذه الخدمة المدنية على أنها ضرب من الالتزام المؤقت لا غير. يغلب على هذه الاستراتيجية الطابع الملزم للحفاظ على المهنيين الصحيين بشكل تعسفي وبكيفية متعارضة مع مبدأ حرية التنقل للموظفين [19]، دون أن تشكل بديلاً مستداماً للإشكال القائم. وعلاوة على ذلك ، فقد ثبت أن هذا النوع من الإجراءات الإجبارية غير فعال على المدى المتوسط والطويل.
فضلا عن ذلك، ولكي تواجه تدفق الهجرة الذي يؤثر بشكل خاص على بعض التخصصات مثل التخدير والإنعاش ، زادت السلطات الأكاديمية من عدد الوظائف الممنوحة لهذه التخصصات في مناظرة الأطباء المقيمين. يعتمد هذا الإجراء على افتراض أن الزيادة في عدد المهنيين المؤهلين ستجعل من الممكن استبدال عدد الأطباء المهاجرين بيسر.غير أن عدم وجود استراتيجية متزامنة لمواجهة هجرة الأطباء، سيجعل الإجراء السابق عبثياً إذ سيؤدي من جهة أخرى إلى زيادة نسق الهجرة وإلى التوجه نحو القطاع الخاص.
وإثر ذلك بسنتين، وخلال الأزمة الصحية لوباء سارس كوف 2 ، عملت عديد البلدان على جلب العديد من مهنيي الصحة وخاصة منهم الأطباء التونسيين. ففرنسا على سبيل المثال، وبعد أن استفادت من المهارات الطبية التونسية خلال هذه الأزمة، قد شرعت في تسهيل الإجراءات الإدارية للحصول على الجنسية الفرنسية للأطباء الأجانب، وقد زاد هذا الإجراء من صعوبة عودة الأطباء إلى تونس. في حين نجد أن 160 طبيبا تونسيا من الذين تجاوبوا مع نداء وزارة الصحة التونسية منذ ثمانية أشهر وتم تعيينهم في إطار مكافحة وباء الكوفيد
من وزارة الصحة لم يحصلوا سوى على رواتب ثلاثة أشهر فقط. واستقال ستون منهم، ولم يكن للمائة الباقين الحق في تجديد ثالث لعقدهم على الرغم من تدهور الوضع الوبائي في تونس. وهكذا، فإن عدم التوازن بين عوامل “التنفير” التي ربما تفوق عوامل “الجذب” تساهم من حين لآخر في استمرار ظاهرة هجرة الأطباء إن لم يكن تفاقمها.
البدائل والتدابير الواجب اعتمادها
الحوافز المالية
من أجل التعامل بشكل أفضل مع ظاهرة هجرة الأطباء، يجب معالجة العنصر المالي بدرجة أولى، فالزيادة في الرواتب تضمن للأطباء توازنًا ماليًا معينًا ضمن مجال الوظيفة العمومية، والهدف من مثل هذه الإجراءات يبقى بشكل أكيد ضمان نوع من “الوفاء” لدى الأطباء للقطاع العمومي و حثهم على عدم الإلتحاق بالقطاع الخاص أو مغادرة البلاد. لهذا، سيكون من الممكن جعل هذه الزيادة في الراتب متناسبة مع طول فترة العمل التي يكون الطبيب المعني على استعداد للقيام بها. وهذا من شأنه أن يشجع الأطباء على تمديد فترة خدمتهم مع ضمان حقهم الأساسي في التنقل بمجرد انتهاء هذه الفترة. هذا الالتزام الذي سيتم تطويره بالتعاون مع المهنيين الصحيين وليس ضد إرادتهم، سيخلق شعورا عاما بالمشاركة المتبادلة وسيطور بالتالي من الربحية المهنية ومشاركة المهنيين الصحيين في هذا المجال.
كما توجد بدائل أخرى للحوافز المالية، ولا سيما مقترحات لأيام إجازة إضافية، مما يساعد أيضًا على تحسين جودة الحياة لدى المهنيين الصحيين.كما يجب أن يتم هذا الأمر بالتزامن مع تدابير أخرى لتجنب حدوث انعكاسات سلبية لهذا الإجراء على جودة الرعاية المقدمة للمواطن بدرجة أولى.
لعل المعضلة الرئيسية التي نواجهها عند التفكير في البدائل التي يجب اعتمادها لمكافحة تدفق هجرة المهنيين الصحيين هي إقرار التوازن بين الحق في التنقل المهني (كحق أساسي) ومكافحة ظاهرة هجرة الأطباء (كضرورة حتمية).
إعادة التفكير في تمويل قطاع الصحة العامة:
من أجل توفير مثل هذه الحوافز المالية، يتعين إعادة التفكير في تمويل قطاع الصحة العامة، وبالتالي توفير مجموعة من الإمكانيات المختلفة للدولة: كزيادة الأداءات على الصناعات المضرة بالصحة والقطاع الخاص (بما يتناسب مع عدد الأطباء المنتدبين)، تعزيز دور الجماعات المحلية من خلال الميزانيات المخصصة للمجال الصحي ، وما إلى ذلك. كما يجب تصور إستراتيجية متقدمة تهدف إلى زيادة الميزانية المخصصة للصحة ورواتب المهنيين الصحيين من أجل توفير جودة حياة أفضل لهم وبالتالي تشجيعهم للبقاء لفترة أطول على الأراضي التونسية. فواقعيا، يبدو أن تحسين مستوى العيش هو السبب الرئيسي لنوايا الهجرة بين أطباء الأسرة الشباب[20].
إن إنشاء قرى صحية، خاصة في المناطق ذات الرعاية الصحية المنخفضة، من خلال توفير الأجواء والبنية التحتية للأطباء الذين يستقرون هناك لتشجيعهم على البقاء هناك لفترة أطول، من شأنه أن يضمن النفاذ إلى الرعاية الصحية للمواطنين كما يوفر فرص عمل للمواطنين كذلك، مما ييسر من نفاذهم إلى الرعاية الصحية بمقابل معقول.
الحوافز غير المادية
إلى جانب الظروف المالية، يبدو أن انعدام الأمن في مرافق الرعاية الصحية يشكل عاملا رئيسيا في مفاقمة أزمة هجرة الأطباء. وبالتالي، فإن ضمان سلامة المهنيين الصحيين والمواطنين بطريقة مستدامة سيساعد على تقليل تدفقات هذه الهجرة جزئيًا.
سيكون من المثير للاهتمام أيضًا جعل الخدمة المدنية الإلزامية أكثر جاذبية، مع ضمان حق الأطباء الملتزمين بها في الترقي المهني والشروع في ذلك مباشرة بعد نهاية الدورة الثالثة في الطب (الدورة الطبية الأكاديمية) من أجل التقليص من فترة البطالة القسرية المفروضة على الأطباء حديثي التخرج الذين يتعهدون بتقديم دبلوم تخصصهم تحت ضمان الاعتراف بأشهر الخدمة المدنية. ففي الواقع ، يضطر الأطباء الذين أكملوا دراستهم الأكاديمية إلى انتظار اختبار نهاية التخصص و “تلقي دعوة” من قبل وزارة الدفاع بعد أشهر من نهاية الدورة الثالثة. وينظر معظم الأطباء الشباب إلى هذه الأشهر من البطالة القسرية على أنها مرحلة إحباط، مما يدفعهم إلى مغادرة البلاد وحرمان الجهات من مهارات هؤلاء الأطباء لأشهر. لذا يمكن للأطباء الذين يؤدون سنة الخدمة المدنية ضمن هيكل صحي معين أن يكون لديهم منذ بداية العام المذكور وعد بالتوظيف مع تدرج مهني واضح.
إن تواصل هجرة الأطباء، هذه الظاهرة التي يمكننا محاربتها ولكن لا يمكننا بأي حال القضاء عليها ، هي حقيقة لا مفر من نكرانها. وعليه، فإن مواجهة نتائج هذه الظاهرة تبدو حتمية. فمن ناحية ، ينبغي تشجيع عودة المهارات الطبية التي هاجرت إلى البلدان ذات الدخل المرتفع بطريقة استباقية. حيث ستساهم عودتهم في زيادة عدد الأطباء لكل مواطن تونسي و في تحسين جودة الرعاية كذلك من خلال مهاراتهم المكتسبة في الخارج. فمنحهم مناصب متقدمة ضمن المسار الطبي والجامعي من خلال الاعتراف بسنوات خبرتهم في الخارج سيكون إجراءً جذابًا للغاية. كما ينبغي النظر في تيسير الإجراءات الإدارية لإعادة إدماجهم ضمن القطاع العام.
من ناحية أخرى، ومن أجل ضمان توفير رعاية جيدة لجميع المواطنين التونسيين ، يجب التفكير في بدائل تعتمد على المهنيين غير الطبيين. هذا البديل، الذي تم إختباره في بلدان أخرى مثل البرازيل أو بنغلاديش[21]، لا يهدف إلى تعويض الأطباء ولكن هدفه توفير الرعاية الصحية قدر الإمكان. ومن شأن التدريب السريع والقصير أن يجعل من الممكن توفير الرعاية الأولية مع تقليل الفوارق بين الجهات وتخفيف الضغط على المستشفيات المركزية ضمن النطاق الوطني. ويمكن أن يكون هذا البديل قابلاً للتطبيق بشكل أساسي على صحة الأم والطفل (خبرة العاملين في صحة الأسرة في البرازيل في التسعينيات) ولكن أيضًا في مجالات أخرى متقدمة كطب العيون مثلما تسعفنا به التجربة الغانية تحديدا.
ومن الضروري أيضًا وضع دول الإنتداب أمام مسؤوليتها الأخلاقية تجاه المجتمع الدولي باحترام ميثاق منظمة الصحة العالمية في ما يتعلق بالتوظيف الدولي للعاملين الصحيين، ولا سيما عن طريق الحد من التوظيف “النشط” للمهنيين الصحيين في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل مثل تونس.
التوصيات:
في مواجهة الزيادة المطردة في ظاهرة هجرةالأطباء، سيؤدي عدم اتخاذ إجراءات عاجلة وقصيرة وطويلة الأمد إلى تقليص حاد في التغطية الصحية المقدمة للمواطنين التونسيين، الذي يعتبرحقا أساسيا يكفله الدستور.
ومن أجل محاربة هذه الظاهرة يتعين:
- استخدام الحوافز المالية (زيادة الرواتب والمكافآت المتناسبة مع طول فترة العمل) وغير المالية (إنشاء قرى صحية ومكافحة انعدام الأمن في هياكل الرعاية الصحية) من أجل جعل قطاع الصحة العامة في تونس أكثر جاذبية للأطباء. (وزارة الصحة – وزارة الداخلية – نواب لجنة الصحة)
- يجب على أعضاء اللجنة الصحية زيادة الميزانية المخصصة للصحة عن طريق زيادة الضرائب على الصناعات المضرة بالصحة والقطاع الخاص (بما يتناسب مع عدد الأطباء المعينين) إلخ …
- إصلاح مجال الخدمة المدنية بالشروع فيها على إثر انتهاء الدورة الأكاديمية وتنظيم خطط وظيفية واضحة مع وعود بالتوظيف في الهياكل الصحية المعنية. (وزارة الصحة – وزارة الدفاع – نواب لجنة الصحة)
- الحد من التأثير الحالي لهجرةالأطباء على النفاذ على الرعاية، لا سيما داخل الجهات، باستخدام تدريب مهنيي صحة الأسرة من غير الأطباء.(وزارة التعليم العالي ، زملاء في التخصصات الطبية)
[1] الدستور التونسي (2014)،على موقع بوابة التشريع في تونس،http://www.legislation.tn/sites/default/files/news/constitution-b-a-t.pdf (تم الإطلاع عليه في 20 جانفي 2021، 09:46) [2] BEN SEDRINE (S.) & AMAMI (M.), “La gouvernance du système de santé publique aggrave l’inégalité sociale face au risque de la maladie en Tunisie”, Friedrich Ebert Stiftung Tunisie, 2016, publié sur:https://library.fes.de/pdf-files/bueros/tunesien/14395.pdfp.9 تم الإطلاع عليه في 20 جانفي 2021 11:20. [3] Wikipedia, Ministère de la Santé Publique (Tunisie), https://fr.wikipedia.org/wiki/Minist%C3%A8re_de_la_Sant%C3%A9_publique_(Tunisie) (تم الإطلاع عليه في 20 جانفي 2021, 13:26) [4] Kapitalis, “Tunisie: Le projet de Loi de protection des professionnels de santé enfin prêt”, 22 Mars 2018, disponible sur: http://kapitalis.com/tunisie/2018/03/22/tunisie-le-projet-de-loi-de-protection-des-professionnels-de-la-sante-enfin-pret/ (تم الإطلاع عليه في 20 جانفي 2021, 10:57) [5] OCED, “Contribution of migrant doctors and nurses to tackling COVID-19 crisis in OECD countries”, May 13, 2020, available at: https://www.oecd.org/coronavirus/policy-responses/contribution-of-migrant-doctors-and-nurses-to-tackling-covid-19-crisis-in-oecd-countries-2f7bace2/ (تم الإطلاع عليه في 20 جانفي 2021, 09:47) [6] Samet (K.), “La fuite des cerveaux en Tunisie. Évolution et effets sur l’économie tunisienne”, Hommes et Migration, 1 juillet 2014, disponible sur: https://journals.openedition.org/hommesmigrations/pdf/2891, mise en ligne le 1 Juillet 2017, p . 123 (تم الإطلاع عليه في 20 جانفي 2021, 09:51) [6] Samet (K.), “La fuite des cerveaux en Tunisie. Évolution et effets sur l’économie tunisienne”, Hommes et Migration, 1 juillet 2014, disponible sur: https://journals.openedition.org/hommesmigrations/pdf/2891, mise en ligne le 1 Juillet 2017, p . 123 (تم الإطلاع عليه في 20 جانفي 2021, 09:51) [7] IACE, “La Tunisie et les directives Européennes: Convergence Vs Protectionnisme”, 6ème édition de Tunis Forum, disponible sur: http://www.iace.tn/wp-content/uploads/2019/03/tf-doc.pdf (تم الإطلاع عليه في 20 جانفي 2021, 09:54) [8] BEN NESSIR (C.), “Manque cruel de médecins”, publié sur: La Presse de Tunisie, 18 Septembre 2020, disponible sur: https://lapresse.tn/73706/manque-cruel-de-medecins/ (تم الإطلاع عليه في 20 جانفي 2021, 09:57) [9] حرزي (م.)، “الكهول تستقطبهم فرنسا والشباب إلى ألمانيا/ 800 طبيب « يفرّون ».. سنويا!”، نشر في: – الصباح نيوز، متاح على: https://bit.ly/2XX11NW (وقع الاطلاع على المصدر بتاريخ 20 جانفي 2021، 10:04) [10] BOUGHZALA (W.), HARIZ (A.), BADRI (T.), BEN HASSINE (L.), AZZABI (S.), KHALFALLAH (N.)., “Family medicine: attractiveness, constraints and prospects as perceived by residents of the specialty”, published on Tunis Med, July 1st, 2019, ;97:904‑9, available at: https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/31872402/ (تم الإطلاع على المصدر في 20 جانفي2021, 10:12). [11] Oxfam & Developpement Finance International, Indice de l’engagement à la réduction des inégalités.Juillet 2017, https://www-cdn.oxfam.org/s3fs-public/file_attachments/rr-commitment-reduce-inequality-index-170717-summ-fr.pdf (تم الإطلاع على المصدر في 20 جانفي 2021, 10:14) [12] Ministère de la Santé et Direction des Etudes de la Planification, “Démographies médicales, des dentistes, pharmaciens, et du personnel soignant, les chiffres clés année 2018, éditée en Janvier 2020, http://www.santetunisie.tn/images/depamel/Dmographie-2019-version-final3.pdf (تم الإطلاع على المصدر في 20 جانفي 2021, 10:18) [13] FMI, “Déclaration du FMI sur la Tunisie”, 3 Août 2017, https://www.imf.org/fr/News/Articles/2017/08/03/pr17319-imf-statement-on-tunisia (تم الإطلاع على المصدر في 20 جانفي 2021, 10:21) [14] BEN NESSIR (C.), “Manque cruel de médecins”, publié sur: La Presse de Tunisie, 18 Septembre 2020, disponible sur: https://lapresse.tn/73706/manque-cruel-de-medecins/ (Consulté le: 20 Janvier 2021, 09:57) [15] FMI, “Déclaration du FMI sur la Tunisie”, 3 Août 2017, https://www.imf.org/fr/News/Articles/2017/08/03/pr17319-imf-statement-on-tunisia (تم الإطلاع على المصدر في 20 جانفي 2021, 10:21) [16] Le Temps, “Un programme de départ volontaire négocié sans limite d’âge”, disponible sur: http://www.letemps.com.tn/article/105124/un-programme-de-d%C3%A9part-volontaire-n%C3%A9goci%C3%A9-sans-limite-d%E2%80%99%C3%A2ge (تم الإطلاع عليه في 20 جانفي 2021, 10:32) [17] Ministère de l’Intérieur Français, “Reconnaissance de l’engagement des ressortissants étrangers pendant l’état d’urgence de la COVID-19”, 7 Décembre 2020, disponible sur: https://www.immigration.interieur.gouv.fr/Accueil-et-accompagnement/La-nationalite-francaise/Reconnaissance-de-l-engagement-des-ressortissants-etrangers-pendant-l-etat-d-urgence-de-la-COVID-19 (تم الإطلاع عليه في 20 جانفي 2021, 10:41) [18] CHEMLI (A.), “100 médecins contractuels remerciés sans être payés”,Le Quotidien, 5 Janvier 2021. [19] OMS Code de pratique mondial de l’OMS pour le recrutement international des personnels de santé, 21 Mai 2010, disponible sur: https://www.who.int/hrh/migration/code/code_fr.pdf?ua=1 (تم الإطلاع عليه في 20 جانفي 2021, 10:49) [20] . OCED, “Contribution of migrant doctors and nurses to tackling COVID-19 crisis in OECD countries”, May 13, 2020, available at: https://www.oecd.org/coronavirus/policy-responses/contribution-of-migrant-doctors-and-nurses-to-tackling-covid-19-crisis-in-oecd-countries-2f7bace2/ (تم الإطلاع عليه في 20 جانفي 2021, 09:47) [21] OMS, “Rapport sur la santé dans le monde, Les enjeux d’un monde en évolution, 2008” https://www.who.int/whr/2008/08_chap1_fr.pdf?ua=1 (Consulté le 08 Février 2021, 16:57)