بحث

جار التحميل...
مشاركة

مقدمة:

للوقوف على خلفية المشروع ومفاهيمه الموجهة، لم يكن ممكنا العثور على نصوص محررة وكاملة باستثناء كتاب خليل عباس “الديمقراطية الآن: قراءة في ظاهرة قيس سعيد” وهو في أكثره مبني على مداخلة للكاتب في تظاهرة من تنظيم نشاز وجمعية روزا لوكسمبورغ كناشط في حملة قيس سعيد من خلفية يسارية. انطلاقا منه ومن اللقاءات الشخصية مع الأنصار ومتابعة الخطاب والممارسة أضحى ممكنا الوقوف على الخطوط العريضة للمشروع.

بدأ مشروع البناء القاعدي منذ أواخر 2011 مع بداية أول حملة مقاطعة لإنتخابات المجلس التأسيسي. وقد كان الثلاثي قيس سعيد ورضا المكي لينين وسنية الشربطي أول خلية للمشروع، لتلتقي روافد قوى تونس الحرة مع الترجمة القانونية للأستاذ في القانون الدستوري. والتحق به الى حدود 2015 العديد ممن ساهموا في بلورة المشروع فكريا، كما ورد في منشورات الأستاذ أحمد شفطر. كانت الفترة بين 2014 و2019 حاسمة في الإنطلاق للترويج للمشروع ضمن حملة تفسيرية توجه ناشطوها إلى الفضاءات الشعبية، وزاد نشاط الحملة كلما اقترب الموعد الانتخابي الرئاسي في 2019. وهو التاريخ الذي تم الاتفاق عليه ليقدم الأستاذ قيس سعيد ترشحه. ولا تزال الحملة متواصلة في إطار تركيز المشروع.

تعتبر “الحملة التفسيرية” حملة انتخابية غير تقليدية. ومهمتها تجاوزت الحملة الانتخابية في الواقع. فنشاطها بدأ قبلها وهو يتواصل إلى اليوم. يشير الأستاذ أحمد شفطر إلى هذا المعطى عقب إصدار الأمر عدد 117؛ “…لنمر الآن من التفسير إلى الإنجاز نحن نتحرر ونحن نبني ونتحرر بينما نبني”. كما أشار خليل عباس في حوار خاص معه إلى أن الحملة ستنتهي بمجرد تركيز المشروع كاملا قانونيا ومؤسسيا. يبقى المتوفر عن المشروع هو التصور القانوني والسياسي دون البناء الفكري وروافده. وهو ما سيتم عرضه هنا.

تصور النظام السياسي الجديد: قاعدة ضد المؤسسات

ينبني مشروع التأسيس الجديد على نقاط محددة من الضروري عرضها قبل نقاش فرضياتها ونتائجها. وقد قدم أحمد شفطر جزء منها في لقاء له مع جريدة المجهر بتاريخ 24 سبتمبر [1]2021. كما قدمها خليل عباس في كتابه المذكور آنفا، بالإضافة إلى بعض الوثائق التي يتم تداولها بين المناصرين. وهي تتشابه من حيث المحتوى. ويقدم الرسم البياني التالي تبسيطا لفكرة المشروع التي ترافقها دائما توضيحات صيغت بطريقة أقرب إلى أسلوب الأستاذ قيس سعيد.

رسم بياني: هيكلة السلطة التشريعية

 القانون الإنتخابي: انتخابات دون منظمات وسيطة

يعتبر تنقيح القانون الإنتخابي أول الخطوات الضرورية حسب المشروع. وهي تتمحور حول: 

  • الدوائر الضيقة

كبديل عن الدوائر الانتخابية الحالية وعددها 27، يقترح المشروع العمادة كدائرة انتخابية. وهي الفضاء الجغرافي الوحيد الذي يتم فيه الإقتراع. يبلغ عدد العمادات 2074 عمادة تتوزع على 264 معتمدية.

  • الإقتراع على الأفراد

يستبدل المشروع التصويت على القائمات بالتصويت على الأفراد في العمادات. وشروط الترشح هي الحصول على تزكيات على برامج صادرة بالتناصف عن الناخبين الذكور والناخبات الإناث، كما يجب أن تكون صادرة في حدود الربع ممن لم يتجاوز سنهم 35 سنة مع شرط الإقامة وجوبا في العمادة. أما فيما يتعلق بالتونسيين في الخارج فما هو متداول بين أنصار المشروع لم يحدد إن كان سيتم إعتماد التصويت على الأفراد أم لا، رغم أن المشاركين في تظاهرة الكبارية يوم 18 سبتمبر 2021 التي تم تنظيمها من قبل أنصار المشروع وجمعية جيل ضد التهميش ونُشرت على صفحة مناصرة له لنفكر في ديمقراطيتنا[2] تحدثوا عن “قائمات مفتوحة”.

  • الحق في الإنتخاب

ينبني على اعتبار المشاركة في الشأن العام واجبا عبر فرض إلزامية الإنتخاب مع إمكانية معاقبة المقاطعين كنتيجة لاعتماد هذا الخيار[3]. وهذا المعطى ذكرته سنية الشربطي في مداخلتها[4] في تظاهرة الكبارية مع جملة المقترحات خلال النقاشات. فيما أشارت بعض المقترحات الأخرى إلى السماح للمنتخبين بوضع أوراق بيضاء أو ملغاة على أن يكون هناك ضابط وهو ألا تتجاوز نسبة معينة أو يتم إلغاء الانتخابات.

  • الدعاية الانتخابية

من بين ما ورد على لسان سنية الشربطي هو التوجه إلى منع الدعاية الحزبية، مع إمكانية وجود الأحزاب في المجالس المحلية التي سيتم تكوينها على مستوى المعتمديات باعتبارها جزء من المجتمع المدني.

  • التقنيات الأخرى

من بين التقنيات التي يضيفها المشروع تقنيات التداول الدوري والقرعة وسحب الوكالة. وهي مرتبطة بإعادة تصور وهيكلية السلطة التشريعية بالأساس. 

 إعادة هيكلة السلطات الثلاث

تتعلق أغلب التنقيحات بالسلطة التشريعية حيث سيتم إلغاء الانتخابات التشريعية واستبدالها بعملية مركبة لتكوين برلمان يُطلق عليه المجلس التشريعي العام. وتبدأ العملية بانتخابات المجالس المحلية في أضيق الدوائر الترابية أي العمادات. يتم تنظيم انتخابات لاختيار عضو عن كل عمادة في المجلس المحلي. هذا الأخير هو أدنى المؤسسات في التنظيم الهيكلي الجديد. ثم تتدخل التقنيات الجديدة في تصعيد المؤسسات والهياكل الأخرى.

على مستوى المجلس المحلي، يتم إجراء القرعة من أجل اختيار عضو في المجلس الجهوي. الأخير يتطابق مع الدوائر الانتخابية الموجودة حاليا وعددها 27. في هذا المستوى يتم تفعيل قاعدة التداول الدوري حيث يتم تغيير الأعضاء الممثلين لكل مجلس محلي في المجلس الجهوي بالتداول كل مدة معينة سيتم تحديدها في القانون. في نفس الوقت، يتم إجراء قرعة لاختيار عضو من المجلس المحلي في المجلس التشريعي العام ولا مجال في هذا المستوى لتداول التمثيل قبل انتهاء العهدة الانتخابية وذلك لضمان استمرارية عمله[5]. كما يضيف المشروع إمكانية سحب الوكالة النيابية من قبل الناخبين كآلية رقابة لممثليهم، وذلك وفق شروط محددة يتم تفعيلها عبر المجلس الجهوي أو المحلي. 

فيما يتعلق بالمجالس الجهوية، تلعب هذه الهياكل دورا تنمويا بالأساس. في صلب هذه المجالس يتم جمع وتنسيق البرامج التنموية التي تمكن أعضاء المجالس المحلية من النجاح على أساسها في انتخابات على مستوى العمادات. على هذا الأساس، يتم جمع 27 برنامجا تنمويا جهويا تُصعّد جميعها إلى المجلس الوطني التشريعي العام. وبذلك تتحدد السياسة التنموية للدولة حسب أنصار المشروع.

لا يوجد فعليا تفاصيل عن صلاحيات المجالس المحلية والجهوية أو طريقة تركيزها والجوانب المالية واللوجستية لهذه العملية. لكن من المحتمل أن يتم إلغاء العمادات والمعتمديات وأن تحل المجالس الجهوية والمحلية في مكانها ومقرّاتها.

يُقدر أن يبلغ أعضاء المجلس التشريعي العام 292 عضوا بين 264 عضوا عن كل مجلس محلي (معتمدية) وعن الدوائر الانتخابية في الخارج. أشار أحمد شفطر إلى أن صلاحيات المجلس ستكون متوازنة مع السلطة التنفيذية في إطار النظام السياسي الجديد الذي “لن يكون لا رئاسيا ولا برلمانيا”. فالأنظمة البرلمانية والرئاسية “تصورات سياسية كلاسيكية من مخرجات آليات الفرز القديمة” على حد قوله[6]. بالنسبة لسحب الوكالة فالأرجح أن يكون أمام القضاء.

أما رئاسة الجمهورية فسيتم تنظيم انتخابات رئاسية مباشرة. ويتولى رئيس الجمهورية اختيار رئيس الحكومة ويعرضها على المجلس التشريعي العام. 

قراءة نقدية للتصور السياسي

يرى المشروع أن هذه التغييرات ستقلب هرم السلطة لضمان تشريك المواطن في الحكم وتجسيد شعار “الشعب يريد” دون تدخل أي طرف في تبلور هذه الإرادة. وذلك لأن تضييق الدوائر سيضمن عدم التأثير على الناخبين نظرا لأنهم سيصوتون على أفراد “معروفين” في عدد سكان محدود نسبيا. يعتبر التصويت على الأفراد إحدى التقنيات المعتمدة في الأنظمة الانتخابية المقارنة (المغرب/بريطانيا)[7]، لكن هذا التصور السياسي الجديد ينطوي على العديد من المناطق الرمادية بسبب الخيارات المؤسسية والأُطر المتصورة لعملها. وهو ما يمكن أن يؤدي إلى عدة نتائج سلبية.

خطر مشهد سياسي مشتت في إطار مؤسساتي مركب

 من بين النتائج المحتملة لتضييق الدوائر الانتخابية هي شخصنة عملية الإنتخاب. وهذا المستوى من الشخصنة ضمن دوائر ضيقة، في السياق المحلي، يمكن أن يفتح الباب للعلاقات الخاصة والمحسوبية والعشائرية بل يمكن للوبيات المال والفساد أن تلعب دورا أكبر وأسهل في استقطاب المترشحين. تم اعتماد هذا الخيار في التصويت كردة فعل على التصويت على القائمات التي عززت دور الأحزاب في العشرية الأخيرة. ويضع مشروع الديمقراطية القاعدية قاعدة تمثيل بعضو واحد عن كل معتمدية مهما كان حجمها الديمغرافي حيث تتساوى أصغر المعتمديات سكانيا مع أكبرها. وهو ما يستبدل قاعدة التمثيل، أي عدد المقاعد حسب الكثافة السكانية، بقاعدة تبدو كمساواة تامة بين المعتمديات. والهدف منها فعليا هو ضمان تمثيل ووزن أكبر للجهات والدواخل مقابل المناطق الأكثر كثافة سكانية والتي ترتبط بامتيازات سياسية واقتصادية في السابق. يبدو ذلك إيجابيا للوهلة الأولى، لكن ذلك لا يمكن أن يمنع بالضرورة تواصل الإنقسام السابق نفسه وخلق تكتلات داخل البرلمان الجديد. كما يمكن أن تؤدي إلى تقسيم المجتمع في ظل الإنقسامات و الجهويات القائمة فعلا. وتبدو الضمانة الوحيدة هنا مرهونة بأفراد معزولين ضمن ارتباطاتهم المحلية فقط.

كما يُطرح تساؤل آخر حول الهياكل المحلية والجهوية التي ستكون مسؤولة على تصعيد السلطة. لا يمكن أن تكون المجالس المحلية متكونة فقط من المنتخبين بل يفترض أن تكون هناك إدارة خاصة ودائمة بكل مجلس. حتى وإن كان المنتخبون سيتصدون للعضوية ومستعدون للعمل لكن لا يمكن أن يكون العضو قادرا على التخصص في جميع جوانب المهمة داخل المجلس. وهو ما يعني ضرورة توفير الموارد المالية واللوجستية في المقابل. وقد طرح ذلك بخصوص مجلس النواب السابق وإمكانية تخصيص مساعدين برلمانيين دائمين نظرا إلى تعقيد العمل النيابي. ويبقى تقدير هذا مرتبطا في نهاية الأمر بحجم الصلاحيات وطبيعتها. كما أن إدارة محلية (إذا ما تم اعتماد إدارة دائمة داخل المجالس) يمكن أن تنتهي كغيرها من الإدارات إلى الإنحراف خاصة في ظل قدرة ظاهرة الفساد في تونس على التأقلم مع التغييرات السياسية والقانونية. يمكن للدفع بأفراد معزولين دون أطر تنظيمية في مؤسسات جديدة إلى الحد من دورهم وفتح باب لقوى أخرى (بيروقراطية أو خارجية) للتأثير في عملهم. وقد طرح ذلك مثلا في الحكم المجلسي في الصين حيث [8]أصبحت الإدارة الدائمة في مجلس الشعب الصيني السلطة التشريعية الفعلية.

يُضاف إلى ذلك أن المتصدين للمهمة التشريعية سيكونون متعددين كأفراد (عضو عن كل عمادة) دون إمكانية تجميعهم على أساس سياسي أو فكري أو أيديولوجي مع ارتباطهم بمصالح محددة على أساس مناطقي، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى أكثر خلافات ويبشر بأزمات عديدة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تؤدي القرعة، باعتبارها إجراء مبنيا على الحظ، إلى قلب التوازنات داخل المجالس الجهوية المحلية وخلق الصراعات. فيمكن أن يصعد عضو الى المجلس التشريعي العام من إنتماء مخالف لغالبية بقية الأعضاء (عائلي، عشائري، فكري…). وهو ما يعني أن هؤلاء يمكن لهم أن يتوجهوا إلى سحب الوكالة منه وتعطيل نشاطه في المجلس التشريعي العام. وحتى مع وضع شروط لسحب الوكالة (عدد معين/مدة زمنية أو فترة/أمام القضاء)، يمكن أن تؤدي محليا إلى ظهور خلافات بين أنصار كل عضو حسب انتمائه ، مع تعطيل المجلس التشريعي.

 في ظل تصور مماثل عن هيكلية السلطة التشريعية التي من المرجح أن تكون سلطة مشتتة وغير قادرة على العمل بصورة فاعلة، يمكن أن تكون السلطة التنفيذية هي الوازنة والأقوى. تعيش الديمقراطيات العريقة في العالم نفس هذه الإشكالية بسبب تضخم السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية. بل هو الحال مثلا في حكم الجمعية في سويسرا. رغم تقاليدها الديمقراطية فليس غريبا وجود أحد أعضاء المجلس التنفيذي في منصبه مدة 25 سنة . كما أن تخصصه وموقعه يسمحان بالتأثير على عمل الجمعية (البرلمان) رغم الصلاحيات الكبيرة للأخيرة[9]. وهو ما يطرح نفسه بقوة في مشروع البناء الجديد، حيث أن إعادة هيكلة السلطة التشريعية نحو ضمان تمثيلية موسعة (كما في الحكم المجلسي) لا يعني بالضرورة قوتها. وبالإضافة إلى التقاليد الرئاسوية في المجتمع والإدارة، يبدو الإلتحام بصورة الرئيس قيس سعيد ممهدا لدور محوري ومؤثر للسلطة التنفيذية.

 إقصاء المنظمات الوسيطة والتعددية الحزبية 

تبقى المهمة التشريعية في المجلس التشريعي العام، في مستوى صياغة القوانين وإصدارها، ما يعني أن عملية التصعيد لم تمس من المهمة التشريعية جوهريا لكنها أدخلت فاعلين آخرين عبر تغيير التوازنات لضمان وصول برامج وتصورات من الجهات والدواخل. وهي عملية مقتصرة على “المجتمع الأهلي” في الدوائر الضيقة ترابيا في ظل إقصاء تصور المجتمع المدني بالمعنى الحديث ودوره ومؤسساته. إذ يعول على إقصاء الأحزاب من الترشح للإنتخابات بصفتها تلك في العمادات (رغم السماح لها بترشيح أفراد دون الدعاية الحزبية) ومع الإبقاء على عضويتها في المجالس المحلية دون التصويت إلى جانب جمعيات المجتمع المدني. وهو ما يفتح سيناريو صعود التصورات التقليدية والمحافظة. ينبني المشروع على فكرة غير دقيقة عن حل تناقض مفترض بين المجتمع الأهلي والمجتمع المدني. في حين مثّل المجتمع الأهلي مُجمل مكونات المجتمع الدينية والعشائرية والقبلية والمذهبية والعائلية، مثّل المجتمع المدني، سواء في تعريفه الموسع أو الضيق باعتباره منظمات وجمعيات، أداة وواسطة وفضاء مهيكل حول قيم تحقق التوازن بين الخاص والعام. لكن المشروع يجعل المجتمع الأهلي هو المجتمع المدني أو الفضاء الأول لتشكل قيمه مجردا من أدواته ومؤسساته ووسائطه متصلا مباشرة بتشكل مؤسسات السلطة السياسية، مترافقا مع خطاب اتهامي لمنظمات المجتمع المدني (التمويل الأجنبي/أدوات تدخل أجنبي)، و للأحزاب السياسية. وهو ما سيجعله شبه أعزل أمام السلطة السياسية القادمة.

يُعتبر إقصاء المنظمات الوسيطة من أحزاب ومجتمع مدني فكرة أساسية في المشروع، كما ورد ذلك على لسان الرئيس قيس سعيد حول أشكال التنظم السياسي[10]. يعول المشروع على الاندثار التدريجي للمؤسسات الوسيطة، وهو ما يفسر عدم التعويل على منعها قانونيا كما جاء ذلك في نقاش مشروع القانون الإنتخابي في التظاهرة المذكورة أعلاه. ويتأكد هذا التوجه  بالعودة إلى طرح رضا شهاب المكي حول النخبة السياسية :” انتهى الدرس: حان الوقت لتغادر النخبة السياسية عفوا النكبة السياسية، مشهد الحكم والمعارضة لتحل مكانها منظومة حكم الشعب بالشعب و لفائدة الشعب وتحت رقابة الشعب، لا تنزعجوا انه ليس خيارا تونسيا انه اتجاه [11]عالمي”.

تبدو التقنيات المعتمدة في تنقيحات القانون الإنتخابي موجهة مباشرة ضد الأحزاب. فالإقتراع على الأفراد هدفه الحد من حضور الأحزاب ودورها التأطيري، كما أن المقترح الأساسي لأحد منظري المشروع (سنية الشربطي) هو عدم ترشح المتحزبين مع الإبقاء على حضور الأحزاب كأعضاء في المجالس المحلية دون الحق في التصويت باعتبارها غير منتخبة. كما أن بقية التقنيات (التداول الدوري/القرعة) تسعى فقط إلى توزيع الأعضاء وتشكيل الهياكل انطلاقا من أفراد تم انتخابهم بناء على انتمائهم الترابي في العمادات. فلا يمكن الحديث عن انتماءات حزبية أو أيديولوجية ولا عن أية أدوار سياسية ممكنة للأحزاب. فهو يعتبر الأحزاب أشكال تنظم سياسي تجاوزها [12]التاريخ كما أكد ذلك قيس سعيد نفسه كمرشح.

في ظل هيكلة السلطة التشريعية كمؤسسة “خالية من السياسة” لا يمكن تصور أن الحياة السياسية ستكون مبنية على التداول والاختلاف الفكري والأيديولوجي. لا يعني ذلك اعتبار أن الأحزاب هي كل السياسة لكنها إن لم تكن في المؤسسات الرسمية، شأنها في ذلك شأن منظمات المجتمع المدني، ستكون مصدرا للسياسة المضادة والمعارضة. ضمن التصور الفكري والمؤسسي للمشروع تبدو فرضيات تكون السياسة أصلا بشكل حر خارج المربع الرسمي محدودة تماما. ليست التعددية الحزبية مرادفة للتعددية السياسية لكنها إحدى أطرها وأدواتها، ينبني المشروع على فرضية مبالغ فيها؛ وهي أن المؤسسات الجديدة ستخلق تطابقا بين إرادة الشعب والسلطة. الأمر الذي يفترض انصهارا بين المجموعة البشرية مع السلطة ملغيا المسافة التي بينهما.

يعتبر الحد من دور الأحزاب والتعويل على اندثارها متجاوزا من الواقع والتاريخ في الحقيقة، أدت العولمة وضغوطاتها إلى أزمة الدولة لكنها دفعت بوسائط عديدة في العلاقة معها. وطرحت عليها قضايا معقدة جدا تتطلب خبرات عديدة يتولى المجتمع المدني بمختلف تنظيماته المساهمة في العمل عليها إلى جانبها. بالنظر إلى تعقد القضايا الاجتماعية والاقتصادية في العالم اليوم، يبدو الدفع بالعمادات، مجردة من أي أشكال تنظم مدني وحزبي، رهانا يصعب نجاحه. بل إن المشروع يجرد الدولة في مستوى متقدم من تنظيمات يمكن أن تساعد على مجابهة القضايا التي يواجهها المجتمع. إن كانت تجربة المنظمات الوسيطة في تونس خلال فترة طويلة ضعيفة النتائج، إلا أن تصور محوها تماما كأنها السبب الرئيسي غير سليم تماما. كانت هذه التنظيمات جزء من التطور التاريخي للدول والمجتمعات الحديثة، وكانت ضمانة ديمقراطية وحقوقية رغم نقاط ضعفها. لم يحصل تطور مماثل في تونس لكن ذلك لا يعني العودة إلى المربع الأول بحجة السيادة الشعبية والشعب، وتجريد الأخير من حمولاته الحداثية (الفكرية والمؤسسية) التي اكتسبها خلال تاريخ طويل.

حقوق الإنسان

تمثل حقوق الإنسان ومكتسبات الشعب التونسي خلال الفترة الأخيرة عنصرا استثنائيا ومهما. رغم الضمانات الخطابية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، تبقى تفاصيل المشروع حبلى بالتهديدات الجدية خاصة في ظل الانتهاكات الملاحظة في عدة مرات. ويتم التغطية على هذه الأسئلة بالمسألة الاقتصادية والإجتماعية، رغم ارتباطهما.

من المفيد في هذا المستوى عرض التصور الذي يقدمه الرئيس قيس سعيد عن العلاقة بالدين. فهو حاسم لديه في علاقة بحقوق الإنسان. وهو ما نستشفه من محاضرته الإفتتاحية للسنة الجامعية 2018/2019 في كلية العلوم القانونية والسياسية والإجتماعية بتونس. رغم أنه من المتمسكين بالفصل الأول من دستور 1959 لكنه يطرح الدين من خارج التصور القانوني والدستوري. يرجع سعيّد مسألة علاقة الدين والدولة إلى مسارها التاريخي الموسوم بأزمات الداخل والتدخل الأجنبي. بينما هي علاقة لا نحتاج للتنصيص عليها ” [13]لأن الأمر محسوم ولا يحتاج لتقنين أو تكريس” حسب رأيه.

يتحدث قيس سعيد عن الدين كرجل محافظ، يرى الدين في مجتمعه كجزء لا يتجزأ من هويته. ولا يدمجه في مسار التقنين والسياسة بمعناها الحديث التي تفتح الباب على التداول في الشأن الديني والتنسيب منه في مجتمع حر ومفتوح. وهو ما سيعكسه أكثر في مواقفه من حقوق الإنسان. رغم أنه يؤكد على رفضه لوصاية إنسان على آخر فهو يرفض الاستفزاز في إشارة للتجاهر بالإفطار على [14]سبيل المثال.

تجدر الإشارة أن توجها مماثلا لدى قيس سعيد يرمي بالتعاطي مع حقوق الإنسان في ميزان العلاقات الاجتماعية السائدة. ويلغي الدور الرئيسي للدولة في التحديث والحداثة لأن له مفهومه الخاص عن هذه المفاهيم. من تبعات ذلك، يمكن العودة إلى موقفه من حكم الإعدام والمساواة في الميراث حيث يحتفظ في هذا المستوى بالآيات القرآنية كدليل وحجة لرفض تغيير القوانين وهو ما يعني مواصلة التصورات السائدة والتقليدية وتبنيها رسميا.

أما فيما يتعلق بحقوق المثليين، ففي طريقة الإجابة دلالة على طبيعة الموقف قبل الموقف الرافض لهم. عندما طُرح عليه السؤال: هل أنت مع إلغاء الفحص الشرجي؟ اعتبر أن الدعم الذي تتلقاه الأقليات هو دعم يهدف لضرب الأمة والدولة، مشيرا إلى أنه السبب في تكون هذه الفئات. وجاء هذا التصريح في لقائه مع جريدة الشارع المغاربي بتاريخ 19 جوان [15]2019. ينحو موقف رئيس الجمهورية من حقوق الإنسان عموما منحى مساءلة السياقات (التدخل الأجنبي/الإستعمار/الدكتاتورية) لتبرير موقف هووي محافظ يتعارض مع منظومة حقوق الإنسان الكونية.

لا يناقش مشروع البناء الجديد أو الديمقراطية القاعدية في هذا المستوى مسألة حقوق الإنسان وعمقها المجتمعي، وخاصة في أوساط أنصاره. فيما يبقى الرئيس قيس سعيد هو الوحيد ممن تحدث مباشرة عن هذه المسائل. لذلك يبدو أن نقطة التقائه الوحيدة مع عدة أفراد ممن نظروا للمشروع هو الجانب الاقتصادي والاجتماعي. مما يجعل المسألة الحقوقية (خاصة المدنية والسياسية) من القضايا المؤجلة ومنفصلة عن بقية الحقوق. يؤكد الأستاذ الفرشيشي أن الأمر 117 مبني على تمييز مماثل[16]، خاصة في ظل الإطار الذي خلقته إطلاعات هذا الأمر، التي مرت من ذكر القوانين إلى الحيثيات (وهو مما لا يوجد في النصوص القانونية عادة) والتي تركز على أفكار خاصة بالمشروع بدء بسيادة الشعب وإرادته وصولا إلى الرمزية التي تضمنها الفصل 22، حين ذكر تاريخ 17 ديسمبر 2010 دون 14 جانفي. وهو ما يعني عودة كلية إلى ما قبل دستور 2014 وسنة 2011. وهنا يصبح المشروع قاطرة اقتصادية واجتماعية فيما تبقى الحقوق المدنية والسياسية خاصة المرتبط منها بالحقوق والحريات الفردية متروكةً للمزاج والطابع السائد مجتمعيا. ما يعتبر تمييزا يجردها من ضمانات مؤسسية وأدوات تطوير و قابلية تكريس مستقبلي.

 ضعف التصور الاقتصادي في المشروع 

يتجاهل الخيار التقني القانوني والمؤسساتي أن التفاوت القائم بين الجهات ليس مرتبطا فقط بالمستوى السياسي/الإنتخابي الأداتي بل له علاقة بالمستوى الاقتصادي الذي لم يتبلور بعد في مشروع البناء الجديد. فالرئيس قيس سعيد تعرض لذلك مرة واحدة في لقاء صحفي كمرشح قائلا أنه سيكون اقتصادا لا رأسمالي ولا إشتراكي[17]. فيما تبقى الإضافات التي يقدمها رضا المكي مجرد شذرات ومقتطفات لا يمكن بناء تصور كامل منها. 

لا يُلغي التعويل على إعادة بناء نموذج التنمية عبر تصعيد الخيارات التنموية من الأسفل إلى الأعلى، النقاش حول خيار النموذج الاقتصادي ودور الدولة و القطاع الخاص. وإلى اليوم، لا تزال السياسة المنتهجة من رئيس الجمهورية مواصلة في التصورات السائدة. فهو لم يغادر مربع الدولة الاجتماعية واقتصاد السوق الاجتماعي (تصورات رأسمالية أساسا)، في مقابل عناوين خطابية كبرى دون انفتاح على المضامين.

يتشابه طرح مشروع البناء القاعدي مع النقاشات التي طرحت بعد انهيار الإتحاد السوفياتي وهيمنة النموذج الرأسمالي. أقرت الدراسات السياسية والإقتصادية أن الرأسمالية في الحقيقة رأسماليات متعددة وليست نموذجا واحدا. كما انتبهت إلى صلة التأطير السياسي والقانوني بالسوق. فالأخير، ليس منظومة منفصلة كما يراد له من حيث المبدأ في التنظير الرأسمالي، إنما يتفاعل ويتأثر بالمؤسسات الاجتماعية والثقافية والسياسية. وهو ما تحاول نظرية اقتصاد السوق الاجتماعي توضيحه. فاقتصاد السوق يرتبط حسب كل دولة في [18]نظام واحد بتنظيم وتأطير الضمان الاجتماعي والجباية والضرائب والفوائد للعائلات والأفراد…

يستعيد مشروع البناء القاعدي توجهات مشابهة، حيث لا يقدم جديدا في الواقع. ومنه ما أشار له بلاغ وزارة الشؤون الاجتماعية عرضا في التالي:”…إلى غاية إعادة صياغة تصور جديد للضمان الاجتماعي…” بهدف المساواة والعدل[19]. وهو ما يتصل بخطاب الرئيس وأنصار المشروع دائما حول الحقوق الإقتصادية والإجتماعية وسبل ضمانها عبر توفير الأدوات القانونية والمؤسسية لإعادة توزيع الثروة بطريقة عادلة. إلا أن النقاش لا يتجه نحو النموذج الاقتصادي بل عن إعادة تكرير أفكار أخرى سابقة كالضمان الاجتماعي. 

أما فيما يتعلق مثلا بالقطاع الخاص فقد أكد الرئيس قيس سعيد مباشرة بعد قرارات 25 جويلية على الدور الوطني والتاريخي والأخلاقي لرجال الأعمال خلال لقائه مع رئيس الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية[20]. مركزا على محاربة الاحتكار والتحكم في الأسعار ومحاربة الفاسدين. وهو ما يعيد النقاش إلى التصور السياسي ورهاناته المرحلية، وليس مرتبطا بتصور اقتصادي جديد. يدور النقاش الإقتصادي في المشروع مدار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ونموذج التنمية وإصلاحه وإعادة الإعتبار للهوامش والمستبعدين من الدورة الاقتصادية بمفاهيم متداولة و معهودة. إلا أنه عمليا هو وحده المسؤول عنه مستقبلا، كما تم الإعلان عنه في الأمر عدد 117 (الفصل 22)، في ظل غياب مسار تشاركي حقيقي. وفي جانبه الاقتصادي لم يتم التعويل على حوارات فعلية مع المنظمات الوطنية خاصة منها الإتحاد العام التونسي للشغل الذي تم تجاهل مبادرته تماما من قبل رئاسة الجمهورية خلال الفترة الفارطة.

يبدو التصور الاقتصادي معروضا في عناوين كبرى مدعية الإنفصال عن الروافد الرأسمالية والاشتراكية، لكنها في أدوات العمل والمفاهيم تبدو مواصلة لما هو سائد ولتجارب سابقة لا تخرج عن التصورات الإصلاحية الرأسمالية التي شهدتها عدة دول بعد انهيار الإتحاد السوفياتي خاصة في ألمانيا وأوروبا الشرقية. وهي تصورات استعرضتها نظرية اقتصاد السوق الاجتماعي من أجل ضخ مبادئ إيتيقية وأخلاقية تبرر العمل على الحد من اللامساواة التي يخلقها السوق. فتم الحديث عن رأسمالية كونفوشيوسية في آسيا وأخرى مسيحية وفي كل منها تفريعات دنيا [21]. 

بالإضافة إلى التركيز على البعد الأخلاقي والإيتيقي لدى رئيس الجمهورية (الواجب التاريخي والديني والوطني/النزاهة والإستقامة…) تبقى المنافسة الحرة ورجال الأعمال والملكية الخاصة والأسعار وقانون العرض والطلب ودور الدولة التعديلي والرقابي حاضرة في التصورات المروج لها. 

في مستوى متصل، تبقى المسألة الاقتصادية لدى رئيس الجمهورية وأنصار المشروع متصلة بسجال سياسي مرتبط بالسيادة الوطنية والإرادة الشعبية على المستوى الدولي. وهو نقاش مهم من حيث المبدأ إلا أن مداخله كانت استعراضية في مرحلة معينة بخصوص العلاقة بالمنظمات الدولية كمنظمات التصنيف الاقتصادي وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. تحتاج هذه القضايا الجوهرية إلى وحدة وطنية جامعة تتأسس فعليا عبر المنظمات الوطنية و الناشطين الاقتصاديين ضمن مسار تشاركي حقيقي ذو طبيعة ديمقراطية بعيدا عن الاستفراد بمساراته كما هو الحال خاصة منذ 22 سبتمبر. وهو ما يمكن من مواجهة مأزق التدخل والضغط الدولي في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس اليوم. 

خاتمة

يعمد المشروع إلى تفكيك المؤسسات التقليدية و إلغاءها. كما أن الرهان على أن المنظومة المؤسساتية الجديدة ستقدم البديل مبالغ فيه الى حد بعيد، بالنظر إلى أنه مبني على تصور سياسي وقانوني تقني مركب، ولم يعمق من خلفيته الفكرية وأبعادها السوسيولوجية والثقافية والقانونية والإقتصادية. كما يعمد إلى حشد جماهيري باسم الشعب و محصورا في شخصية الرئيس باعتباره الأداة التي تنفذ المشروع. فإن كان المشروع ينادي بالديمقراطية الآن فهو غير ديمقراطي في مفاصل عدة وفي وعوده.

يطرح المشروع تساؤلا جديا على علاقة السلطة بالمجتمع، فإن كانت فرضية الدكتاتورية مستبعدة اليوم، فالأمر مطروح أكثر عندما تضعف مؤسسات ووسائط السلطة المضادة وفضاءات تشكل المعارضة خارج الفضاءات الرسمية. فلا يكفي التعويل على الرقابة الشعبية أو “التظاهرات العفوية” (مصطلح يتردد في أوساط أنصار المشروع) من أجل مقاومة أشكال الانحراف بالسلطة السياسية الممكنة.

التوصيات

تتعلق التوصيات أساسا بالمسار الذي تمر به تونس قبل نقاش المشروع نفسه. وهي تتعلق أساسا بتوفير الظروف الموضوعية والمناسبة للمرور إلى الجمهورية الثالثة دون فقدان أية مكتسبات:

رئاسة الجمهورية:
  • الاستمرار في فتح ملفات الفساد والمحاسبة مع ضمان عدم تسييسها 
  • فتح الباب لحوار وطني سياسي واقتصادي واجتماعي ضمن مسار تشاركي حقيقي كبديل عن جمع السلطات والتفرد بها 
  • وضع خارطة طريق واضحة للخروج من الحالة الإستثنائية ضمن الإطار الدستوري
  • البناء على مكتسبات الانتقال الديمقراطي خاصة على مستوى حقوق الإنسان والحريات الفردية مع ضمان تعزيزها وفتح ملفات الإنتهاكات بخصوصها
  • توفير ضمانات الحق في التقاضي و الولوج للعدالة وتسريع النظر في الملفات القضائية المعلن عنها
  • اعتماد سياسة واضحة في إطار أجندة تشاركية تراعي مصالح تونس الخاصة وتجنبها مأزق الضغوط الدولية، وعدم جر البلاد الى موقع تصبح فيه دون داعمين
المجتمع المدني والأحزاب السياسية:
  • العمل على استعادة دورها المحوري في المشهد السياسي عبر استيعاب ضرورات المرحلة 

[1]  جريدة المجهر، الخطوة القادمة لقيس سعيد تسليم الأمانة لأصحابها، تونس، 24 سبتمبر 2021. (النسخة الورقية) [2]  رابط صفحة لنفكر دمقراتيتنا https://www.facebook.com/لنفكر-ديمقراطيتنا-107036851737375  [3]  محمد رضا بن حماد، المبادئ الأساسية للقانون الدستوري والأنظمة السياسية، مركز النشر الجامعي، تونس، 2010، ص375 وما بعدها. http://abdelmagidzarrouki.com/2013-05-06-14-45-36/finish/329-/66892-/0  [4] سنية شربطي في حوار مع ” جيل ضدّ التهميش بالكباريّة “. 22 سبتمبر 2021 https://www.facebook.com/watch/?v=546884096373519 [5]  لقاء مع المرشح قيس سعيد، شمس فم، 05 سبتمبر 2019. انظر الرابط التالي: https://bit.ly/3aYKNu5  [6]  جريدة المجهر، الخطوة القادمة لقيس سعيد تسليم الأمانة لأصحابها، تونس، 24 سبتمبر 2021. (النسخة الورقية) [7] نفس المصدر 3، ص378. http://abdelmagidzarrouki.com/2013-05-06-14-45-36/finish/329-/66892-/0 [8] نفس المصدر 3، ص441. http://abdelmagidzarrouki.com/2013-05-06-14-45-36/finish/329-/66892-/0  [9] نفس المصدر 3، ص438. http://abdelmagidzarrouki.com/2013-05-06-14-45-36/finish/329-/66892-/0 [10]  “الشارع المغاربي” تنشر حوار قيس سعيد كاملا، الشارع المغاربي، 19 جوان 2019. https://bit.ly/3DwN8IX [11]  تدوينة رضا شهاب المكي-لينين-. https://bit.ly/3oTMz7N [12]  “الشارع المغاربي” تنشر حوار قيس سعيد كاملا، الشارع المغاربي، 19 جوان 2019, https://bit.ly/3DwN8IX [13]  المحاضرة الإفتتاحية للأستاذ قيس سعيد، كلية العلوم القانونية والسياسية والإجتماعية بتونس، السنة الجامعية 2018/2019. https://bit.ly/3DDzHac  [14]  كلمة الرئيس قيس سعيد بمناسبة شهر رمضان من جامع الزيتونة. https://bit.ly/3C0hEdR   [15]  “الشارع المغاربي” تنشر حوار قيس سعيد كاملا، الشارع المغاربي، 19 جوان 2019. https://bit.ly/3DwN8IX [16] مداخلة الأستاذ وحيد الفرشيشي.انظر الرابط التالي: https://www.youtube.com/watch?v=1lA_BBJRGTc  [17]  Kaïs Saïed : « Il faut accepter les règles du jeu, mais pas le système » , voir ce lien : https://bit.ly/3FI5msP  [18]  Peter Koslowski, « The social market economy and the varieties of capitalism », in The social market economy ; Theory and ethics of the economic order, Peter Koslowski (ed.), Springer, Berlin, 1998, pp. 2-3. [19]  بلاغ وزارة الشؤون الاجتماعية. انظر الرابط التالي: https://bit.ly/3ptN7Bw [20]  لقاء رئيس الجمهورية مع السيد سمير ماجول. انظر الرابط التالي: https://bit.ly/2Z5u0TT [21]  Peter Koslowski, « The social market economy and the varieties of capitalism », in The social market economy ; Theory and ethics of the economic order, Peter Koslowski (ed.), Springer, Berlin, 1998, PP. 6-8.

المراجع الببليوغرافية
المساهم

خليل عربي

دكتور باحث في العلوم السياسية وعضو الجمعية التونسية للدراسات السياسية

العودة إلي أعلى